وقول ابن بطال: فإن احتجوا بحديث: "السبيل الزاد والراحلة"، فإن ابن معين وغيره قالوا: راويه إبراهيم الخوزي، وهو ضعيف (¬1) عجيب منه في اقتصاره على طريق ضعيف، وطرحه لما صح كما أسلفناه على أن الترمذي حسنه من الوجه المذكور، قال: وإبراهيم يُضعف (¬2)، وقد رواه الدارقطني بإسقاطه (¬3)، ثم نقل عن ابن المنذر أنه قال: لا يثبت الحديث الذي فيه ذكر الزاد والراحلة وليس بمتصل (¬4).
قُلْتُ: ما ذكرناه ثابت متصل فقدم على الطريقة الضعيفة، ثم قال: والآية عامة ليست مجملة لا تفتقر إلى بيان فكأنه تعالى كلف كل مستطيع على أي وجه قدر بمال أو بدن، قال: والدليل على ذَلِكَ حديث: "لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي" (¬5) فجعل صحة الجسم مساوية للغنى، فسقط قول من اعتبر الراحلة.
قُلْتُ: لا يسقط فإن الحديث مفسر للاستطاعة في الآية، وهو المبين عن الله، وقال إسماعيل بن إسحاق: لو أن رجلًا كان في موضع يمكنه
¬__________
(¬1) "شرح ابن بطال" 4/ 186.
(¬2) "سنن الترمذي" من حديث ابن عمر 3/ 8، وأيضًا برقم (2998)، وضعفه الألباني الأول في "ضعيف الترمذي" قائلًا: ضعيف جدًا، وضعف الثاني مثل الأول، ولكن دون لفظ: العج والثج، فإنها وردت في حديث آخر.
(¬3) "سنن الدارقطني" من حديث ابن عمر 2/ 216 - 218.
(¬4) والحديث أشار النووي في "المجموع" 7/ 53 لضعفه، وضعفه الألباني في "الإرواء" (988). وانظر لزامًا "البدر المنير" 6/ 19 - 30، و"التلخيص" 2/ 221.
(¬5) رواه أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو (1634)، والترمذي (652) وقال: حديث عبد الله بن عمرو حديث حسن، وعبد الرزاق 4/ 110 (7155)، وأحمد 2/ 164، 192، والدارقطني 2/ 119، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 14، والحاكم 1/ 407، والبيهقي 7/ 13، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1444).