غيره قبل نفسه، قال: وأما حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلًا يقول: لبيك عن شبرمة، فقال: "من شبرمة" قال: أخ لي -أو قريب لي- قال: "أحججت عن نفسك؟ " قال: لا، قال: "اجعل هذِه عن نفسك ثم حج عن شبرمة" (¬1). فلا حجة فيه لمن تعلق به، وهو حديث معلول.
والصحيح أنه موقوف على ابن عباس، وكذا قال أحمد: الصواب وقفه عليه، وأعله بعضهم بالإرسال، والذي يصح في هذا المعنى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رواية ابن عباس أنه سئل عن رجل لم يحج، أيحج عن غيره؟ فقال: "دين الله جل وعز أحق أن يقضيه" وليس فيه أنه لو أحرم عن غيره كان ذَلِكَ الإحرام عن نفسه.
وقال الطرطوسي: وهو حجة على من قال به؛ لأن قوله: "حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة" وفي لفظ: "اجعل هذِه عن نفسك ثم حج عن شبرمة" دليل على أنه كان انعقد عن شبرمة، فلو كان قد وقع هذا عن نفسه كما زعمتم كيف يقول له: "حج عن نفسك؟! " غير أن هذا كان في عام الفتح (¬2)؛ لأنه - عليه السلام - فسخ حجهم إلى عمرة، وإن خالف الشافعي في الفسخ، فقد رده عليه المتقدمون والمتأخرون والفقهاء
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (1811)، وابن ماجه (2903)، وابن الجارود في "المنتقى" 2/ 113 - 114 (499)، وأبو يعلى 4/ 329 (2440)، وابن خزيمة 4/ 345 (3039)، وابن حبان 9/ 299 (3988)، والطبراني 12/ 42 - 43 (12419)، والدارقطني 2/ 268 - 269، والبيهقي 4/ 336، وقال: هذا إسناد صحيح، ليس في الباب أصح منه، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1589) قائلًا: إسناده صحيح على شرط مسلم.
(¬2) في هامش الأصل تعليق نصه: قوله في عام الفتح فيه نظر كبير، وما أظن ذلك وقع إلا من النساخ وإلا فعالم لا يقول ذلك والله أعلم.