والمحدثون، والجماعة مطبقون على أن هذا كان عام الفتح، فلما جاز فسخ الحج إلى العمرة جاز فسخه من شخص إلى شخص.
فإن قُلْتَ: أراد بقوله: "اجعل هذِه عن نفسك" التلبية لا الإحرام.
قُلْتُ: هذا غلط؛ لأنه قال: "أحججت عن نفسك؟ " وهو صريح في الحج دونها.
قُلْتُ: الحديث أخرجه أبو داود وابن ماجه بإسناد على شرط الصحيح بلفظ: "حج عن نفسك" (¬1)، ورواية ابن حبان في "صحيحه": "فاجعل هذِه عن نفسك، ثم حج عن شبرمة" (¬2) قال البيهقي: إسناده صحيح ليس في الباب أصح منه (¬3)، وصححه ابن القطان أيضًا عنه (¬4) وحمله بعضهم على الندب عملًا بقوله: "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول" وفي رواية للدارقطني: وها هنا بدل شبرمة نبيشة، والصواب شبرمة (¬5).
وما سلف من الجواز هو قول الحسن وإبراهيم وأيوب وجعفر بن محمد وأبي حنيفة ومالك، وحكي عن أحمد أيضًا مثله. وقال الأوزاعي والشافعي وإسحاق: لا يجوز، ويقع إحرامه عن حجة الإسلام، وعن ابن عباس يقع الحج باطلًا ولا يصح عنه ولا عن غيره، ونقل عن بعض الحنابلة كما في "المغني".
¬__________
(¬1) سبق تخريجهما.
(¬2) سبق تخريجه.
(¬3) "السنن الكبرى" 4/ 336.
(¬4) "بيان الوهم والإيهام" 5/ 450 - 452 (2528).
(¬5) "سنن الدارقطني" 2/ 268.