كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 11)

قال ابن القصار: في قوله: {يَأْتُوكَ رِجَالًا} دليل قاطع لمالك أن الراحلة ليست من شرط السبيل، والمخالفون يزعمون أن الحج لا يجب على الرجالة، وهذا خلاف الآية. ولا نسلم له ما ذكره وأين القطع.
وقول البخاري: ({فِجَاجًا}: الطرق الواسعة) اعترض عليه الإسماعيلي فقال: الفج: الطريق في الجبل بين الجبلين، فإذا لم يكن كذلك لم يسم الطريق فجًا. وليس بجيد منه؛ فقد قال ابن سيده: الفج: الطريق الواسع في جبل أو قبل جبل، وهو أوسع من الشعب، وقال ثعلب: هو ما انخفض من الطرق، وجمعه فجاج، وأفجة نادرة (¬1). وقال صاحب "المنتهى": فجاج الأرض: نواحيها. وقال القزاز، وابن فارس (¬2)، والفارسي في "مجمعه": الفج: الطريق الواسع.
وفي "التهذيب": {مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} أي: واسع غامض (¬3). وكذا ذكره أبو عبيد.
وقال الطبري: يأتين من كل طريق ومكان ومسلك بعيد، وقال: ابن عباس، وقتادة: من كل مكان بعيد (¬4)، والعميق في اللغة: البعيد، بئر عميق أي: بعيدة القعر.
وقال الزجاج: {يَأْتِينَ} على معنى الإبل وعلى كل بعير {ضَامِرٍ} يعني: الجماعة.
وقال الفراء: وقرئ (يأتون) فذهب إلى الركبان (¬5).
¬__________
(¬1) "المحكم" 7/ 161.
(¬2) انظر: "المجمل" 3/ 701.
(¬3) انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري 3/ 2742 - 2743.
(¬4) روى عنهما الطبري في "تفسيره" 9/ 136 (25058 - 25061).
(¬5) "معاني القرآن" للفراء 2/ 224.

الصفحة 31