وعن علقمة: الحصر: الخوف والمرض (¬1)، وعن عروة: الحصر ما حبسه من وجع، أو خوف، أو ابتغاء ضالة (¬2).
وعن الزهري: الحصر ما حصره من وجع أو عدو حَتَّى يفوته الحج.
قَالَ: وقد فرق قوم بين الإحصار والحصر، فروينا عن الكسائي: أنه قال: ما كان من المرض فإنه يقال فيه: أحصر فهو محصر، وما كان من حبس قيل: حُصِر. وعن أبي عبيدة: ما كان من مرض أو ذهاب نفقة قيل فيه أحصر فهو محصر، وما كان من حبس قيل: حصر، وبه قَالَ أبو عبيد.
قَالَ ابن حزم: هذا لا معنى له، وقول ربنا هو الحجة؛ قال تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]، وإنما نزلت في الحديبية، إذ منعه الكفار من إتمام عمرته، فسماه تعالى: إحصارًا، وكذلك قَالَ البراء وابن عمر والنخعي، وهو في اللغة قول أبي عبيدة، وأبي عبيد، والكسائي، وقال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: 273] فهذا هو منع العدو بلا شك؛ لأن المهاجرين إنما منعهم في الأرض الكفار، وبيَّن ذَلِكَ -جل وعز- بقوله: {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} فصحَّ أن الإحصار والحصر بمعنى واحد، وأنهما اسمان يقعان عَلَى كل مانع من عدو أو مرض أو غير ذَلِكَ (¬3).
وقال الفراء: لو نويت بقهر السلطان أنها علة مانعة، ولم يذهب إلى فعل الفاعل جاز أحصر، ولو قلت في أحصر من المرض وشبهه أنه حصره، جاز حصر.
¬__________
(¬1) رواه الطحاوي 2/ 251.
(¬2) رواه ابن أبي شيبة 3/ 206 (13554)، وابن جرير 2/ 220 (3237).
(¬3) انتهى من "المحلى" 7/ 203 - 204.