وعن أحمد في الحج روايتان: الأولى: تختص بيوم النحر (¬1)، وعندنا إذا أمكنه ذبحه في الحرم لا يجوز ذبحه في غيره في أحد الوجهين (¬2).
وأجمعوا أنه لو أحصر في الحرم لا يجوز ذبحه في الحل، وبالعكس يجوز بلا خلاف، واستدلوا بأنه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عام الحديبية لما أحصروا في ذي القعدة سنة ست نحروا هداياهم بها، وهي من الحل.
والحنفية استدلوا بقوله تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] فلو كان محله حيث أحصر لم يكن لقوله: {مَحَلَّهُ} ومعنى؛ لأنه يكون قد بلغ محله في كل موضع أحصر فيه، ويدل عليه قوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ} [الحج: 33] وهو عام في كل هدي، وهو بيان المحل المجمل.
وقال في جزاء الصيد: {هَدْيًا بَالِغَ الكَعْبَةِ} [المائدة: 95] وقوله: (أن يبلغ الهدي محله) (¬3) أي: وصدوا الهدي أن يبلغ محله.
وفي النسائي بإسناد جيد أنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ له ناجية بن جندب الأسلمي حين صد الهدي: يا رسول الله، ابعث به معي أنا أنحره، قَالَ: "وكيف؟ " قَالَ: آخذ به في أودية لا يقدر عليه، فدفعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فانطلق به حَتَّى نحره في الحرم (¬4).
¬__________
(¬1) "المسائل الفقهية" 1/ 296.
(¬2) "البيان" 4/ 394، "روضة الطالبين" 3/ 175.
(¬3) كذا في الأصل و (م)، والتلاوة: {حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ}.
(¬4) "السنن الكبرى" 2/ 453 (4135) كتاب: الحج، باب: هدي المحصر، ورواه الطحاوي "شرح معاني الآثار" 2/ 242.