وقال الشافعي: أحب صيامه لغير الحاج، أما من حج فأحب أن يفطر، ليقويه عَلَى الدعاء (¬1). وقال عطاء: أصومه في الشتاء ولا أصومه في الصيف (¬2).
وقال الطبري: إنما أفطر - صلى الله عليه وسلم - بعرفة ليدل عَلَى أن الاختيار في ذَلِكَ الموضع للحاج الإفطار دون الصوم؛ كيلا يضعف عن الدعاء، وقضاء ما لزمه من المناسك، وكذلك من كره صومه من السلف؛ وإنما كان لما بيناه من إيثارهم الأفضل من ثقل الأعمال عَلَى ما هو دونه، وإبقاءً عَلَى نفسه؛ ليقوى بالإفطار عَلَى الاجتهاد في العبادة، ومن آثر صومه أراد أن يفوز بثوابه، ويدخل من باب الريان (¬3).
وقال المهلب: في شربه اللبن يوم عرفة أن العيان أقطع للحجج وأنه فوق الخبر، وقد قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "ليس الخبر كالعيان" (¬4).
¬__________
(¬1) "مختصر المزني" 2/ 27.
(¬2) رواه عبد الرزاق 4/ 284 (7822).
(¬3) يدل على ذلك حديث سيأتي برقم (1896) كتاب: الصوم، باب: الريان للصائمين، ورواه مسلم (1152) كتاب: الصيام، باب: فضل الصيام، عن سهل بن سعد مرفوعًا: "إن في الجنة بابًا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة .. " الحديث.
(¬4) رواه أحمد 1/ 215، 271، وأحمد بن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة المهرة" 5/ 416 (4930)، وابن حبان 14/ 96 (6213) كتاب: التاريخ، باب: بدء الخلق، والطبراني في "الأوسط" 1/ 12 (25)، وابن عدي في "الكامل" 8/ 453، والحاكم 2/ 321، والقضاعي في "مسند الشهاب" 2/ 201 - 202 (1182 - 1184)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 6/ 56، وفي "موضح الأوهام" 1/ 530، والضياء في "المختارة" 10/ 80 - 82 (73 - 76) من طريق هشيم بن بشير، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس مرفوعًا به.
ورواه البزار كما في "الكشف" (200)، وابن حبان 14/ 97 (6214)، والطبراني =