النَّاسُ} [البقرة: 199] غير أنا وجدنا قوله: {مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199] في معنى: وأفيضوا، وتجعل ثم في موضع الواو كما قَالَ تعالى: {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} ثم قَالَ: {ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ} [يونس: 46] عَلَى معنى: والله شهيد (¬1).
واختلفوا إذا دفع من عرفة قبل الغروب ولم يقف بها ليلًا، فذهب مالك إلى أن الاعتماد في الوقوف بعرفة عَلَى الليل من ليلة النحر والنهار من يوم عرفة تبع، فإن وقف جزءًا من النهار وحده ودفع قبل الغروب لم يجزئه، وإن وقف جزءًا من الليل أي جزء كان قبل طلوع الفجر من يوم النحر أجزأه؛ وأخذ في ذَلِكَ مما رواه عن نافع، عن ابن عمر أنه قَالَ: من لم يقف بعرفة ليلة المزدلفة قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج (¬2). وعن عروة بن الزبير مثله (¬3)، ورفعه ابن عمر مرة: "من فاته عرفات بليل فقد فاته الحج" (¬4). وعن عطاء يرفعه "من أدرك عرنة بليل فقد أدرك الحج ومن فاته عرفات بليل فقد فاته الحج" وعن عمرو بن شعيب رفعه قَالَ: "من أجاز بطن عرفة قبل أن تغيب الشمس فلا حج له" (¬5).
¬__________
(¬1) "شرح ابن بطال" 4/ 344.
(¬2) رواه مالك في "الموطأ" 1/ 520 (1343) كتاب: المناسك، باب: وقوف من فاته الحج بعرفة، "عيون المجالس" 2/ 822، 823.
(¬3) رواه مالك في "الموطأ" 1/ 520 - 521 (1344).
(¬4) رواه ابن عدي في "الكامل" 7/ 393، والدارقطني في "سننه" 2/ 241 كتاب: الحج، باب: المواقيت، وابن حزم في "حجة الوداع" ص 475 (540).
قال الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 145: فيه رحمة بن مصعب، قال الدارقطني: ضعيف، وقد تفرد به، ورواه ابن عدي في "الكامل" وأعله بمحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وضعفه جماعة اهـ.
(¬5) رواه ابن وهب كما في "التمهيد" 24/ 419.