كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 11)

وروى معرور قَالَ: رأيت عمر بن الخطاب رجلًا أصلع عَلَى بعير يقول: يا أيها الناس أوضعوا فإنا وجدنا الإفاضة للإيضاع (¬1).
وروي عن الصديق: أنه وقف عَلَى قُزَح وقال: أيها الناس أصبحوا أصبحوا، ثم دفع كأني انظر إلى فخذه قد انكشف مما يخرش بعيره بمحجنه (¬2). ومعنى يخرش بعيره: يخدشه بالمحجن، ومنه تخارش السنانير والكلاب.
قَالَ الطبري: والصواب في صفة السير في الإفاضتين جميعًا ما صحت به الآثار أنه كان يسير العنق إلا في وادي محسر، فإنه يوضع فيه، ولو أوضع أحد في الموضع الذي ينبغي أن يعنق فيه أو عكس لم يلزمه شيء؛ لإجماع الجميع عَلَى ذَلِكَ، غير أنه يكون مخطئًا سبيل الصواب، وما ذكره من تفسير {فَجَوةٍ} و {مَنَاصٍ} هو كذلك في بعض النسخ. وقال ابن التين: فجوة: متسع لا أحد فيه.
فرع: قررنا أن السنة الإسراع، وإنما يميل عن بعضه لمانع زحام أو غيره، وأما ما رُوِي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بالسكينة والوقار (¬3)، فمعناه: لا تخرجوا من حدهما بالزجر والإيضاع. وأما سرعة لا تخرج عن حد الوقار فغير ممنوع بل هو سنة.
¬__________
(¬1) ذكره ابن كثير في "تفسيره" 2/ 256 قال: قال وكيع: عن شعبة، عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي، عن المعرور بن سويد، فذكره.
(¬2) رواه الفاكهي في "أخبار مكة" 4/ 323 - 324 (2710)، وابن أبي شيبة 3/ 237 (13881) كتاب: الحج، من قال: المزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر، والطبري في "تفسيره" 2/ 302 (3832)، والبيهقي 5/ 125 كتاب: الحج، باب: الدفع من المزدلفة قبل طلوع الشمس.
(¬3) انظر ما سيأتي برقم (1671).

الصفحة 564