كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 11)

تاسعها:
لم يأمره - عليه السلام - في هذا الحديث بالفدية، فأخذ به الشافعي وعطاء والثوري وإسحاق وداود وأحمد في إحدى روايتيه وقالوا: إن من لبس في إحرامه ما ليس له لبسه جاهلًا فلا فدية عليه، والناسي في معنا (¬1).
وقال أبو حنيفة والمزني في رواية عنه: يلزمه إذا غطى وجهه ورأسه متعمدًا أو ناسيًا يومًا إلى الليل، فإن كان أقل من ذَلِكَ فعليه صدقة يتصدق بها (¬2).
وعن مالك يلزمه إذا انتفع بذلك أو طال لبسه عليه، قال فيمن ابتاع خفين فجر بهما في رجليه: فإن كان شيئًا خفيفًا فلا شيء عليه، وإن تركها حتى منعه ذَلِكَ من حر، أو بردٍ، أو مطر افتدى (¬3). لنا أن هذا الرجل كان قريب العهد بالإسلام لا يعرف أحكامه فعذره الشارع ولم يلزمه غرامة.
عاشرها: قوله- "واصنع في عمرتك كما تصنع في حجك" معناه: اجتنب فيها كُلَّ ما تجتنب فيها كما أسلفناه، ألا ترى قول ابن عمر ما أمرهما إلا واحد يعني: في الإحرام والحرمة، وكذلك كلُّ ما يستحسن من الدعاء والتلبية في الحج فهو مستحسن بها.
وقوله في آخر الحديث: (قُلْتُ لعطاء: أراد الإنقاء؟ قال: نعم).
قال ابن التين: أراد به بعض الإنقاء؛ لأن الثلاث لا تكاد تنقي كل
¬__________
(¬1) انظر: "الأم" 2/ 130، "المغني" 5/ 391 - 392.
(¬2) انظر: "المبسوط" 4/ 127 - 128، "تبيين الحقائق" 2/ 53 - 54.
(¬3) انظر: "المنتقى" 2/ 196.

الصفحة 94