كتاب فتاوى يسألونك (اسم الجزء: 11)

ذلك لعظمه بالنسبة إلى ما ذكر معه من الإشراك قطعاً بل لكون مفسدته متعدية إلى الغير بخلاف الإشراك فإن مفسدته مقصورة عليه غالباً وقول الزور أعم من شهادة الزور لأنه يشمل كل زور من شهادة أو غيبة أو بهت أو كذب ولذا قال ابن دقيق العيد يحتمل أن يكون من الخاص بعد العام لكن ينبغي أن يحمل على التوكيد فإنا لو حملنا القول على الإطلاق لزم أن تكون الكذبة الواحدة كبيرة وليس كذلك قال: ولا شك في عظم الكذب ومراتبه متفاوتة بحسب تفاوت مفاسده ومنه قوله تعالى {ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً}. قوله: (حتى قلنا ليته سكت) أي شفقة عليه وكراهية لما يزعجه وفيه ما كانوا عليه من كثرة الأدب معه صلى الله عليه وآله وسلم والمحبة له والشفقة عليه.] نيل الأوطار 8/ 337 - 338. والتزوير يدخل تحت شهادة الزور قال القرطبي المحدث: [شهادة الزور هي الشهادة بالكذب ليتوصل بها إلى الباطل من إتلاف نفس أو أخذ مال أو تحليل حرام أو تحريم حلال، فلا شيء من الكبائر أعظم ضرراً منها ولا أكثر فساداً بعد الشرك بالله] فتح الباري 10/ 506.
ومن المعلوم أن شهادة الزور من كبائر الذنوب كما بين ذلك وفصلَّه الشيخ ابن حجر المكي في الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/ 435 - 437
ولا شك أن تزوير الوثائق والشهادات داخل في شهادة الزور فهو من المحرمات كما أنه نوع من الغش وهو محرم وقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من غشنا فليس منا) رواه مسلم.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا والمكر والخداع في النار) رواه ابن حبان والطبراني وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في إرواء الغليل 5/ 164.
وبهذا يظهر لنا أنه قد اجتمع في التزوير شرور كثيرة فهو كذب وغش وخداع ومكر

الصفحة 159