كتاب فتاوى يسألونك (اسم الجزء: 11)

برأي أو قياس ... ] اقتباس من مقدمة إعلام الموقعين للعلامة ابن القيم رحمة الله عليه بتصرف يسير.

قلت هكذا كان الأئمة الأعلام يقتدون في العلم بمن سلف، ويبنون على ما ورثوه من السلف، فإن العلم ميراث كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهما ولكن ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم وهو حديث صحيح، صححه
العلامة الألباني في صحيح الترغيب والترهيب. فالعالم الحق هو من يبني على ما ورثه من العلم، فيزيد لبنة في بناء العلم، والجاهل من يهدم ما بناه أهل العلم زاعماً أنه من أهل التجديد، فيأتي بالغرائب والعجائب، ويشغل العامة بأقوال شاذة وأفكار غربية، ليس لها زمام ولا خطام، ولا يُبنى عليها عمل، العلم بها لا ينفع والجهل بها لا يضر، وشُغله الشاغل الطعن في ميراث العلماء، والوقيعةُ في سلف الأمة، ورميهم بالجهل تارةً، وبعدم الفهم والسذاجة تارةً أخرى، وكل هذا باسم حرية التفكير، وبحجة كم ترك الأول للآخر، وبحجج أخرى هي أوهى من بيت العنكبوت، ولا شك أن هذا من علامات أهل البدع والضلال، وهؤلاء ينبغي أن يصنفوا مع قطاع الطريق، الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون. وأما منهج الصالحين من العلماء فهو ما قرره العلامة ابن القيم رحمة الله عليه، فهو المنهج الذي يُقتدى به {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90]، وما أحسن ما قاله الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمة الله عليه: [أما فقهاء أهلِ الحديث العاملون به؛ فإن معظم همهم البحثُ عن معاني كتاب الله عز وجل، وما يفسره من السنن الصحيحة… ثم التفقه فيها وفهمها… ومسائل الحلال والحرام وأصول السنة والزهد والرقائق وغير ذلك ... وفي معرفة هذا شُغلٌ شاغلٌ عن التشاغُل بما أُحدث من الرأي ما لا يُنَتَفع به وما لا يقع؛ وإنما يورث لتجادلُ فيه الخصومات والجدالَ وكثرَة القيل والقال!] جامع العلوم والحكَم ص 124.

الصفحة 7