كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 11)

سواه، والعباد قد يطلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة، وأما كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده، فهو أمر لا يطلع عليه بشر؛ وذلك حقيقة الصوم» (¬١).
ومنها: أن في الصوم تعويد للنفس على الصبر عن الشهوات، والملذات، قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (١٠)} [الزمر:١٠]، وقال تعالى: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (١٢)} [الإنسان:١٢].
ومنها: أنه وسيلة للوصول إلى درجات المتقين، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣)} [البقرة:١٨٣].
فإن الصائم مأمور بفعل الطاعات واجتناب المعاصي، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» (¬٢).
وإذا كان الصائم متلبسًا بالصيام، فإنه كلما همَّ بمعصية تذكر أنه صائم فامتنع عنها، ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الصائم أن يقول لمن سابه أو شاتمه: إني امرؤ صائم، تنبيهًا له على أن الصائم مأمور بالإمساك عن السب والشتم، وتذكيرًا لنفسه بأنه متلبس بالصيام، فيمتنع عن المقابلة بالسب والشتم.
---------------
(¬١) زاد المعاد (٢/ ٢٧) بتصرف.
(¬٢) صحيح البخاري برقم ٦٠٥٧.

الصفحة 25