كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 11)

ومنهم من قال أنه مكروه، وذهب ابن حزم إلى التحريم. قال الإمام أحمد: لا بأس بذلك، وقال: أبو بكر دفن ليلًا، وعلي دفن فاطمة ليلًا، وحديث عائشة - رضي الله عنها -: سمعنا صوت المساحي من آخر الليل في دفن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وممن دُفن ليلًا عثمان وعائشة وابن مسعود .. وغيرهم.
قال النووي: «المقصود تعمد تأخير الدفن إلى هذه الأوقات، فأما إذا وقع الدفن في هذه الأوقات بلا تعمد فلا يكره» (¬١).
قال ابن القيم - رحمه الله -: «والذي ينبغي أن يقال في ذلك والله أعلم، أنه متى كان الدفن ليلًا لا يفوت به شيء من حقوق الميت، والصلاة عليه، فلا بأس به، وعليه تدل أحاديث الجواز، وإن كان يفوت بذلك حقوقه والصلاة عليه وتمام القيام عليه، نُهي عن ذلك، وعليه يدل الزجر. وبالله التوفيق» (¬٢) (¬٣).
٧ - لا حرج في دفن الاثنين أو أكثر في قبر واحد عند الضرورة، ويقدم أفضلهم، وفي ذلك أحاديث منها: ما رواه البخاري في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ
---------------
(¬١) شرح صحيح مسلم (٦/ ٣٥٤ - ٣٥٥).
(¬٢) تهذيب سنن أبي داود ص ٢١٧.
(¬٣) من أراد التفصيل فليراجع أحكام الجنائز للشيخ الألباني - رحمه الله - ص ١٧٦ - ١٨٠.

الصفحة 625