كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 12)

"ليس هو عندي حجة، يأخذُ كلامَ ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث" (تهذيب التهذيب ١١/ ٤٣٥).
ثم إن المحفوظَ عن هذا الكتاب من روايات الثقات، ليس كما رواه ابن إسحاق، فقد ترك ابن إسحاق في هذه السياقة أشياء قد ذكرها الثقات؛ كأحكام الديات، بل وذكر بعضها ابن إسحاق نفسه كما في (المراسيل لأبي داود ٢٦٠) من طريق حماد بن سلمة عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، قال: كان في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ، وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ».
وهذا غير موجود في سياقة السيرة التي رواها عنه البكائي وابن بكير وأيضًا الأبرش كما سيأتي، مما يدلُّ على أن سياقةَ السيرة ليستْ عند ابن إسحاق من حديث عبد الله بن أبي بكر ابن حزم، وأن حديثَهُ عن عبد الله بن أبي بكر ليس كما ذكره في السير.
كما ذكر ابن إسحاق في سياقة السيرة أشياء لم يذكرها الثقات؛ كإيجاب الجزية على المرأة، وهو خِلَافُ المحفوظِ عن معاذٍ رضي الله عنه فيما رواه مرفوعًا بشأنِ أهلِ اليمنِ أيضًا، وخلاف ما كتبَ به عمر رضي الله عنه إلى عُمَّاله، وتبعه عليه جماعة العلماء، أن لا جزيةَ على المرأةِ. انظر (الأموال لأبي عبيد ٩٣)، و (سنن البيهقي الكبرى ١٨٧٠٧)، و (أحكام أهل الذمة لابن القيم ١/ ١٤٩)، و (الإرواء ٥/ ٩٥).
وبنحو هذا أعلَّه البيهقيُّ في (الكبرى ١٨٧٠٩)، حيثُ قال عقبه: "هذا منقطعٌ، وليس في الرواية الموصولة" اهـ. يعني: إيجاب الجزية على المرأة.

الصفحة 62