كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 103 """"""
ذكر أخبار معز الدولة ابن بويه
هو أبو الحسين أحمد بن بويه ، ومعز الدولة أصغر إخوته سناً ، وأكثرهم سعادة ، وأوسعهم ملكا ، وكان في ابتداء أمره مع أخيه عماد الدولة ، وحضر معه المصاف الذي بينه ، وبين ياقوت في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة ، وهو صبي لم تنبت لحيته ، وعمره تسع عشرة ، وكان في ذلك اليوم من أحسن الناس أثراً في الحرب .
مسيره إلى كرمان وزوال يده في الحرب ، وما تفق له
وفي سنة أربع وعشرين وثلاثمائة سار إلى معز الدولة إلى كرمان ، وسبب ذلك أن أخويه : عماد الدولة ، وركن الدولة لما تمكنا من بلاد فارس ، وبلاد الجبل ، وبقي هو ، وهو الأصغر بغير ولاية يستبد بها رأيا أن يسيراه إلى كرمان ، فسار إليها في عسكر ضخم ، فلما بلغ السيرجان استولى عليها ، وجبي أموالها ، وأنفقها في عسكره ، وكانت عساكر نصر بن أحمد الساماني صاحب خراسان تحاصر محمد بن إلياس بن اليسع بقلعة هناك ، فلما بلغهم إقبال معز الدولة ، ساروا عن كرمان إلى خراسان ، فتخلص محمد بن إلياس من القلعة ، وسار إلى مدينة قم ، وهي على أطراف المفازة بين كرمان ، وسجستان ، فسار إليه معز والدولة ، فرحل عن مكانه إلى سجستان بغير قتال ، فسار ابن بويه إلى جيرفت وهي قصبة كرمان ، واستخلف ثم بعض أصحابه ، فلما قارب جيرفت أتاه رسول على الديحي المعروف بعلي كلويه ، وهو رئيس القفص البلوص ، وكان هو وأسلافه متغلبين على تلك الناحية إلا أنهم يجاملون كل سلطان يرد البلاد ، ويطيعونه ، ويحملون إليه مالاً معلوما ولا يطئون بساطه ، فبذل لابن بويه ذلك المال ، فامتنع من قبوله إلا بعد دخول جيرفت ، فتأخر علي كلوية نحو عشرة فراسخ ، ونزل بمكان صعب المسلك ، ودخل ابن بويه جيرفت ، وصالح علي كلويه ، وأخذ رهائنه ، وحطب له ، فلما استقر الصلح بينهما

الصفحة 103