كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 104 """"""
أشار بعض أصحاب ابن بويه عليه بقصد علي والغدر به ، وهون عليه أمره ، وأطعمه في أمواله ، وقال له : إنه قد ترك الاحتراس ، وسكن إلى الصلح ، فأجابه إلى ذلك ، وركب نحوه جريدة ، وكان علي متحرزاً قد وضع العيون على ابن بويه ، فعندما تحرك للمسير بلغه ذلك ، فجمع أصحابه ، وكمنهم بمضيق على الطريق ، وأسروا ، ولم يلفت إلا اليسير ، وجرح معز الدولة عدة جراحات ، وأصابته ضربة في يده اليسرى ، فقطعتها من نصف الذراع ، وأصابت ضربة يده اليمنى ضربة أخرى ، فسقط بعض أصابعه ، وسقط إلأى الأرض ، وقد أثخن بالجراح ، وبلغ الخبر إلى جيرفت ، فهرب من بها من أصحابها ، ولما أصبح على كلويه تبع القتلى ، فرأى الأمير أبا الحسين وقد أشرف على التلف ، فحمله إلى جيرفت ، وأحضر له الأطباء ، وبالغ في علاجه ، واعتذر إليه ، وأنفذ رسله إلى عماد الدولة بالاعتذار ، ويعرفه غدر أخيه ، ويبذل من نفسه الطاعة ، فأجابه عماد الدولة إلى ما بذله ، واستقر بينهما الصلح ، وأطلق كل من عنده من الأسرى ، وأحسن إليهم ، ووصل الخبر إلى محمد بن إلياس بما جرى على ابن بويه ، فسار من سجستان إلى جنَّابه ، فتوجه إليه معز الدولة ، وواقعه ، ودامت الحرب بينهما عدة أيام ، فانهزم ابن إلياس ، وعاد ابن بويه بالظفر ، وسار إلى علي كلويه لينتقم منه ، فلما قاربه أسرى على أصحابه الرجّالة ، فكسبوا عسكره ليلاً في ليلة شديدة المطر ، فأسروا منهم ، وقتلوا ، ونهبوا وعادوا ، فلما أصبح أبن بويه ، سار نحوهم ، فقتل منهم عددا كثيرا ، وانهزم عليَ ، وكتب معز الدولة إلى أخيه عماد الدولة بما جرى له معه ، ومع ابن إلياس ، فأمره أخوه بالوقوف مكانه ، ولا يتجاوزه ، وأنفذ إليه قائدا من قواده يأمره بالعود إليه إلى فارس ، ويلزمه بذلك ، فعاد إلى أخيه ، وأقام عنده باصطخر إلى أن قصدهم أبو عبد الله البريدي منهزماً من ابن رائق وبجكم ، وأطمع عماد الدولة في العراق ، فسير معه معز الدولة كما قدمنا ذكر ذلك في أخبار الدولة العباسية في أيام الراضي بالله .
ذكر استيلاء معز الدولة على الأهواز
كان مسير معز الدولة بن بويه إلى الأهواز في سنة ست وعشرين وثلاثمائة للسبب الذي قدمناه ، فسار إليه ، ومعه أبو عبد الله البيدي ، وكان بها بجكم الرائقي ،