كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 110 """"""
ذكر وفاة الوزير المهلبي
وفي سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة سار الوزير المهلبي في جمادى الآخرة في جيش إلى عمان ليفتحها ، فلما بلغ البحر اعتل ، واشتدت علته ، فأعيد إلى بغداد ، فمات في الطريق في شعبان وحمل تابوته إلى بغداد ، فدفن بها ، وقبض معز الدولة أمواله ، وذخائره ، وأخذ أهله ، وأصحابه ، وحواشيه ، حتى ملاحه ، ومن خدمه يوما واحدا ، فاستعظم الناس ذلك ، واستقبحوه ، فكانت مدة وزارته ثلاث عشر سنة ، وثلاث أشهر ، وكان كريما فاضلا ذا عقل ومروءة ، فمات بموتة الكرم . ونظر في الأمور بعده أبو الفضل العباس بن الحسين الشيرازي . وأبو الفرج محمد بن العباس بن فساعن من غير تسمية لأحد منهما بوزارة .
وفيها . في يوم عاشوراء أمر معز الدولة الناس أن يغلقوا دكاكينهم ، ويبطلوا الأسواق والبيع والشراء ، وأن يظهروا النياحة ، ويلبسوا ثيابا عملوها من المسوح ، وأن تخرج النساء منشرات الشعور مسودات الوجوه قد شققن ثيابهن ، ويدرن في البلد بالنوايح ، ويلطمن وجوههن على الحسين بن علي بن أبي طالب ، ففعل الناس ذلك ، ولم يكن للسنيِّة قدرة على المنع ، لكثرة الشيعة ؛ ولأن السلطان منهم . وفيها . في ثامن عشر ذي الحجة أمر معز الدولة أيضا بإظهار الزينة في البلد وإشعال النيران بمجلس الشرطة ، وفتحت الأسواق ليلا ، فعل ذلك فرحا بعيد الغدير ، وكان يوما مشهودا .
ذكر وفاة معز الدولة بن بويه
كانت وفاته في ليلة الثلاثاء لثلاث عشرة خلت من شهر ربيع الآخر ، سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بعلَّة الذَّرب ، وكان بواسط وقد جهز الجيوش لمحاربة عمران بن شاهين الخارج عليه فابتدأ به الإسهال وقوى عليه ، فسار نحو بغداد ، وخلف أصحابه ، ووعدهم أن يعود إليهم . فلما وصل إلى بغداد اشتد مرضه ، وصار لا يثبت في معدته شيء ، فلما أحس بالموت عهد إلى ابنه بختيار ، واظهر التوبة ، وتصدق بأكثر ماله ، واعتق ممالكيه ورد شيئا كثيرا على أصحابه وتوفي ودفن بداره ثم نقل إلى مشهد بني له في مقابر قريش ، فكانت إمارته إحدى وعشرين سنة