كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 116 """"""
معز الدولة ، وظن بختيار أن نظام الأتراك قد انحل بموت سبكتكين ، فلم يزدد إلا قوةً واشتدادا ، وسار الأتراك إليه ، وهو بواسط ، فقاتلوه ، واتصلت الحرب بينهم خمسين يوماً ، والظفر فيها للأتراك ، وحصروه حتى اشتد عليه الحصار وأحدقوا به ، فتابع إنفاذ الرسل إلى عضد الدولة ابن عمه ، وكتب عليه :
فإن كنت مأكولاً فكن خير آكل . . . وألا فأدركني ولما أمزق
فلما رأى عضد الدولة ذلك ، وأن الأمر قد بلغ ببختيار ما كان يرجوه ، سار نحو العراق نجدة لبختيار في الظاهر ، وطلباً للاستيلاء في الباطن .
ذكر استيلاء عضد الدولة على العراق والقبض على بختيار
قال : وسار عضد الدولة في عساكر فارس ، واجتمع بابن العميد وزير أبيه بالأهواز ، وهو بعساكر الري ، وساروا إلى واسط ، فلما بلغ الفتكين خبر وصولهم رجع إلى بغداد ، واجتمع بختيار بعضد الدولة ، وسار عضد الدولة إلى بغداد في الجانب الشرقي ، وأمر بختياراً أن يسير في الجانب الغربي ، ولما رجع الفتكين إلى بغداد فارفها ابن حمدان إلى الموصل ، ووصل الفتكين بغداد ، وصار محصوراً من جميع جهاته ، وذلك أن بختياراً كتب إلى ضبة بن محمود لأسدي بالإغارة على أطراف بغداد ، وقطع الميرة عنها ، وكتب بمثل ذلك إلى بني شيبان ، وكان أبو تغلب بن حمدان من ناحية الموصل يمنع الميرة عنها ، وينفذ سراياه ، فغلت الأسعار ببغداد ، وخرج الفتكين في الأتراك للقاء عضد الدولة ، فلقيه بين ديالي والمدائن ، فاقتتلوا قتالاً شديداً ، فانهزم الأتراك ، وقتل منهم خلق كثير ، وذلك في رابع عشر جمادى الأولى ، وسار الأتراك إلى تكريت ، وسار عضد الدولة إلى بغداد ، وترك بدار الملكة ، وأراد التغلب على العراق ، واستضعف بختياراً ، وإنما خاف من أبيه ركن الدولة ، فوضع جند باختيار على أن يثوروا به ، ويشغبوا عليه ، ويطالبوه بالأموال ، والإحسان إليهم لأجل صبرهم معه ، ففعلوا ذلك ، وبالغوا ، وكان بختيار لا يملك شيئاً ، والبلاد خراب ، فلا تصل يده إلى أخذ شيء منها ، وأشار عضد الدولة على بختيار أن لا يلتفت إليهم ، وأن يغلط لهم في الجواب ، ولا يعدهم بما لا يقدر عليه ، وأن يعرفهم أنه لا يريد الإمارة عليهم والرئاسة ، ووعده أنه إذا فعل ذلك توسط بينهم