كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 121 """"""
اجتمع له من الممالك ما تفرق لأبيه وعميه ، وقد قدمنا أن عمه عماد الدولة بن بويه جعله ولي عهده ، وذلك لأربع عشرة بقيت من جماد الأولى سنة تسع وثلاثين وثلثمائة ، فأول ما ظهر من أفعاله بعد وفاة عمه ببلاد فارس أنه استولى على حصن ابن عمارة المتوسط لمدينة هرو ، وهي مدينة على ساحل البحر الهندي من أعمال فارس قد بنيت على مصّب الماء تجمع المراكب المنكسرة ، والبضائع الغارقة ، فيستعين أهلها بذلك ، وأهل هذا الحصن ينسبون إلى معدي يكرب ، ثم إلى الجلندي بن كركر يتوارثونه لم ينتزع منهم ، ولم تفتح عنوة ، ولا صلحا قبلها . ذكر بن جوقل في كتابه : أن صاحب هذا الحصن هو الملك المذكو وفي القرآن في قوله تعالى : وكان وراءهم مَّلك يأخذ كلَّ سفينةٍ غصباً . ولم يباشر عضد الدولة الحصار بنفسه ، وإنما بعث علياً بن الحسين السيفي في جيش إلى الحصن ، فحاصره برهة من الدهر حتى استعزل صاحبه ، وهو أبو طالب بن رضوان بن جعفر بالأمان ، وتسلم الحصن بما فيه ، وفي سنة ست وخمسين وثلثمائة بعث إلى عمان عسكرا مع عسكر لعمه معز الدولة ، ففتحها ، ثم بعد ذلك كرمان في شهر رمضان سنة سبع وخمسين وأقطعها ولده أبا الفوارس ، وأطاعه صاحب سجستان ، ونقش السكة باسمه ، وأقام له الخطبة . ثم ملك قلعة بردسير وهي مثوى آل اليسع ، ولما عاد من كرمان فتح جبال القفص ، وهذه البلاد لها جبل وسهل . فأهل السهل يعرفون : بالمنوجان وهو اسم البلاد ، وأهل الجبل يعرفون : بالقفص ، والبلوص ، وهم قبائل وشعوب ، وبلادهم هذه في طرف كرمان مما يلي فارس ، ثم جرت لجيشه معهم بعد ذلك وقائع كان الظفر فيها لأصحاب عضد الدولة ، وفي أثناء حرول جيشه لهم حصل استيلاء عضد الدولة على هرموز ، وبلاد التيز ، ومكران في سنة ستين وثلثمائة ، ثم سألوا الأمان على إقامة الصلوات ، وإيتاء الزكاة ، والإجتهاد في الطاعة ، واجتناب إخافة السبيل فأمنهم . قال المؤرخ : ثم سار عسكره ، ومقدمة كوركير إلى أمة من ورائهم يقال لهم الخرَّميَّة ، والحاسكية فهزمهم ، وقتل منهم خلقاً ، وأسر مقدميهم ، وجماعة من رؤسائهم ، وأنفذهم إلى شيراز ، وتوطأت هذه البلاد مدة ، ثم كان بينهم ، وبين العسكر العضدى وقعة لإحدى عشرة ليلة يقيت من شهر ربيع الأول سنة إحدى وستين