كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 122 """"""
وثلثمائة ، ودامت إلى غروب الشمس ، فانجلى ذلك اليوم عن قتل أكثر مقاتليهم ، والإحاطة بحريمهم ، وذراريهم ، ولم يبق منهم إلا اليسير ، ثم كان بين عضد الدولة ، وبين عز الدولة بختيار ابن معز الدولة ما قدمناه في أحبار بختيار في سنة أربع وستين وثلثمائة ، فلا فائدة في إعادته ، فلما مات والده ركن الدولة في سنة ست وستين وثلاثمائة قصد العراق في تلك السنة ، فخرج عز الدولة لقتاله ، والتقوا ، واقتتلوا في ذي القعدة من السنة ، فالتحق بعض أصحاب بختيار بعضد الدولة ، فانهزم بختيار ، واحتوى عضد الدولة على ماله ، ومال وزيره ابن بقية ، وسير عضد الدولة جيشاً إلى البصرة ، فملكها .
ذكر القبض على أبي الفتح بن العميد العميد
وفي سنة ست وستين وثلاثمائة قبض عضد الدولة على أبي الفتح بن العميد وزير أبيه وسمل إحدى عينيه ، وقطع أنفه ، وكان سبب ذلك أنه لما فارق عضد الدولة بغداد كما بغداد كما ذكرناه في أيام بختيار ، أمر ابن العميد أن يلحقه بعد ثلاث ، فخالفه ، ووافق عز الدولة ، ووعده أن يلحق به إذا مات ركن الدولة ، ثم صار يكاتبه بأشياء يكرهها عضد الدولة ، وكان لإبن العميد نائب يعرض كتبه على عز الدولة ، وذلك النائب يكاتب عضد الدولة بما يكتبه ابن العميد بختيار ساعة بساعة ، فلما ملك عضد الدولة بعد موت أبيه كتب إلى أخيه مؤيد الدولة بالري يأمره بالقبض على ابن العميد ، وعلى أهله ، وأصحابه ، ففعل ذلك ، وكان أبو الفتح ليلة قبضه قد أمسى مسروراً ، فأحضر ندماءه ، والمغنين ، وأظهر من آلات الذهب والفضة والزجاج ، وأنواع الطيب ما ليس لأحد مثله ، وشربوا وعمل شعراً ، وغنى له به ، وهو :
دعوت المنى ودعوت العُلى . . . فلما أجابا دعوت القدح
وقلت لأيام شرخ الشباب : . . . إلَّى فهذا أوان الفرح
إذا بلغ المرءُ آماله . . . فليس له بعدها مقترح وشرب ليلته على هذا الشعر إلى أن سكر ، وقام ، وقال لغلمانه : اتركوا المجلس على ما هو عليه لنصطبح غداً ، وقال لندمائه بكروا غداً لنصطبح ، ولا تتأخروا ، فانصرف الندماء ، ودخل هو إلى بيت منامه ، فلما كان وقت السحر استدعاه مؤيد الدولة ، فقبض عليه ، وأرسل إلى داره ، فأخذ جميع ما فيها ، ومن جملته ذلك المجلس بما فيه .

الصفحة 122