كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 123 """"""
ذكر استيلاء عضد الدولة على العراق
كان اسيتلاؤه على بغداد في سنة سبع وستين ، وذلك أنه سار إلى العراق ، وأرسل إلى عزَّ الدولة ابن عمه يدعوه إلى طاعته ، وأن يتوجَّه من العراق إلى أي جهة أحب ، فأجاب إلى ذلك ، وسار عن بغداد ، وكان من خبره ، ومقتله ما قدمناه ، ولما قدم عضد الدولة إلى بغداد نزل بباب الشمّاسية في يوم الخميس لسبع خلون من شهر ربيع الآخر من السنة ، وتلقاه الخليفة الطائع للَّه في البحر قبل ذلك بيومين ، ثم دخل إلى دار الخلافة في يوم الأحد لتسع خلون من جمادى الأولى منها ، وقبل الأرض بين يدي الخليفة الطائع للَّه ، فخلع عليه ، وتوجّه ، وطوّقة ، وسوَّرة ، وقلَّده ما وراء داره ، وعقد له لواءين : أحدهما : على المشرق ، والآخر : على المغرب ، وأرخى إحدى ذؤابتيه منظومة بالجوهر ، وزاد في لقبه تاج الملَّة : ، وكان وزن السوادين ، والطوق : ألفين وخمسمائة مثقال . قال أبو اسحاق الصباني ، وكان في غرة التاج وجوانبه من الجوهر ، وأحجار الياقوت الأحمر ما يتجاوز إحصاؤها التثمين ، أو يحدها التقويم ، وطرح بين يديه من نشار الذهب والورق شيء كثير على الأنطاع حتى صار كالبيدر ، وقرىء عهده بين الخليفة ، ولم يجر بذلك عادة ، وأخذ الخليفة الذؤابة للرخاة ، فعقدها بيده ، وذلك بمسألة تقدمت من عضد الدولة ، وقلَّده الخليفة سيفاً ثانياً وركب من مراكب الخليفة بركب الذهب ، وبين يديه آخر مثله ، والجيش بين يديه ، وخلفه مشاة إلى أن خرج من باب الخاصة ، فسار الجيش أمامه ، واستقر مُلكه ببغداد ، خُطب له بها ، ولم يخطب لملك قبله ببغداد ، وضُرب على بابه ثلاث نوب ، ولم تجر بذلك عادة ، قال : ولما دخل إلى بغداد أرسل إلى بختيار يطلب منه وزيره محمد بن بقية ، فسلمه بختيار ، وأنفذ إليه ، فأمر عضُد الدّولة بإلقائه بين قوائم الفيلة ، فوطئته حتى مات ، وصلب على رأس الجسر في شوال ، فرثاه أبو الحسن الأنباري بقوله :
علَّو في الحياة وفي الممات . . . لحق أنت إحدى المعجزات
وقد ذكرنا الأبيات في باب المراثي ، وبقي ابن بقية مصلوبا إلى أيام صمصام الدولة ، فأ ، زل عن جذعه ، ودفن ، ولما استفر ملك عضد الدولة ببغداد ، أتاه