كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 124 """"""
الخبر أن عزَّ الدولة بختياراً قد نقض العهد ، واجتمع هو وابن حمدان ، واتفقا على حربه ، فخرج إليهما ، فكان من أمرهما ما قدمناه في أخبار بختيار ، وأخبار الدولة الحمداينة .
ذكر استيلاء عضد الدولة على ملك بني حمدان
قال : ولما انهزم أبو تغلب في الحرب التي قدمناها مع عز الدولة سار إلى الموصل ، فسار عضد الدولة نحوه ، فملكها في ثاني عشر ذي القعدة سنة سبع وستين ، وملك ما يتصل بها ، فظن أبو تغلب أنه يفعل كما فعل غيرُه يقيم يسيراً ثم يضطر إلى المصالحة ، ويعود ، فكان عضد الدولة أحزم من ذلك ، وذلك أنه لما قصد الموصل حمل معه الميرة والعلوفات ، وأقام بالموصل ، وبثَّ سراياه في طلب أبي تغلب ، فأرسل أبو تغلب يسأل أن يضمن البلاد منه ، فلم يحبه إلى ذلك ، وقال : هذه البلاد أحبُّ إلي من العراق ، فسار أبو تغلب إلى نصيبين ، فسير عضد الدولة سريَّة استعمل عليها حاجبه طغان إلى جزيرة ابن عمر ، وسرية في طلب أبي تغلب ، وعليها أبو طاهر محمد على طريق سنجار ، فسار أبو تغلب مجداً إلى ميَّا فارقين ، ثم منها إلى بدليس ، واستولى عضد الدولة علي ميَّافارقين ، وديار مضر ، وغيرها من بلاد الجزيرة ، وذلك في سنة ثمان وستين وثلثمائة ، ثم عاد إلى بغداد في سلخ ذي القعدة من السنة ، واستخلف على أعمال أبي تغلب بن حمدان أبا الوفا طاهر محمد ، وفي سنة تسع وستين في شهر رجب جهز عضد الدولة جيشاً إلى بني شيبان ، وكانوا قد أكثروا الغارات ، والفساد في البلاد ، وعجز الملوك عن طلبهم ، وكانوا قد عقدوا بينهم وبين أكراد شهر زور مصاهرات ، وكانت شهرزور ممتنعة على الملوك ، فأمر عضد الدولة عسكره بمنازلتها لتنقطع أطماع بني شيبان عن التحصن بها ، فاستولى أصحابه عليها ، وملكوها فهرب بنوشيبان ، وسار العسكر في طلبهم ، وأقعوا بهم وقعة عظيمة قتل فيها من بني شيبان خلق كثير ، ونهبت أموالهم ، ونساؤهم ، وأسر منهم ثمانمائة أسير حملوا إلى بغداد .

الصفحة 124