كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 141 """"""
وأنزل الديلم أطراف الكرخ وباب البصرة ، ولم تكن له عادة بالنزول هناك ، ففعلوا من الفساد ما لم يشاهد مثله ، فمن ذلك أن رجلاً من المستورين أغلق بابه عليه خوفاً منهم ، وانقطع بداره ، فلما كان في أول يوم من شهور رمضان خرج لبعض شأنه وقد أطمأن لتعظيم الشهر ، وكفَّ الناس فيه عن الفساد ، فرآهم على حال على عظيم من الفساد وشرب الخمور ، فأراد الرجوع إلى داره ، فمنعوه وأكرهوه على الدخول معهم إلى دار من دورهم ، وألزموه بشرب الخمر ، فامتنع ، فصبوها في فيه قهراً ، وقالوا له : قم إلى هذه المرأة فافعل بها ، فامتنع فألزموه ، فدخل معها إلى بيت في الدار ، وأعطاها دارهم ، وقال لها : هذا أول يوم من شهر رمضان ، والمعصية فيه تتضاعف ، وأحب أن تخبريهم أني فعلت ، فقالت ، لا ، ولا كرامة ، ولا عزازة ، أنت تصون دينك عن الزنا في هذا الشهر ، وأنا أريد أن أصون أمانتي ولساني عن الكذب فيه ، فصارت هذه الحكاية سائرة في بغداد ، ثم إن واسط ، فلقوا بها سلطان الدولة ، فشكوه إليه فسكنَّهم ، ووعدهم أن يتوجه إلى بغداد ويصلح الحال ، وكتب إلى ابن سهلان يستقدمه ، فخافه ، فهرب إلى بني حقاجة ، ثم إلى الموصل ، ثم إلى الأنبار ثم سار إلى البطيحة .
ذكر ملك مشرف الدولة أبي علي بن بهاء الدولة بن عضد الدولة بن ركن بن بويه العراق
كان استيلاء مشرف الدولة على العراق في سنة إحدى عشرة وأربعمائة ، وكان سبب ذلك أن الجند شغبوا على سلطان الدولة ، ومنعوه من الحركة ، وأرادوا ترتيب مشرف الدولة أخيه في الملك ، فأشير على سلطان الدولة بالقبض عليه ، فلم يمكنه من ذلك ، وأراد سلطان الدولة الانحدار إلى واسط ، فقال له الجند : إما أن تجعل عندنا ولدك ، أو أخالك مشرف الدولة ، فراسل أخاه مشرف الدولة بذلك ، فامتنع ، ثم أجابه بعد معاودة ، ثم اتفقا ، واجتمعا ببغداد ، واستقر بينهما أنهما لا يستخدمان ابن سهلان ، وفارق سلطان الدولة بغداد ، وقصد الأهواز ، واستخلف أخاه مشرف الدولة بها ، فلما انحدر سلطان الدولة ووصل تستر استوزر ابن سهلان ، فاستوحش مشرف الدولة ، فانفذ سلطان الدولة ابن سهلان ليخرج أخاه مشرف الدولة من العراق ، فجمع مشرف الدولة عسكراً كثيراً ، منهم أتراك واسط ، وأبو الأعز دبيس بن علي بن مزيد ، ولقي ابن سهلان عند واسط ، فانهزم ابن سهلان ، وتحصَّن بواسط ، فحصروه مشرف الدولة وضيَّق عليه ،

الصفحة 141