كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 147 """"""
ذكر الفتنة بين جلال الدولة و بارسطغان وقتل بارسطغان
وفي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة كانت الفتنة بينهما ، وكان بارسطغان من أكابر الأمراء ، ويلقب حاجب الحجاب ، وكان سبب الفتنة : أن جلال الدّولة نسبه إلى فساد الأتراك ، والأتراك نسبوه إلى أخذ الأموال ، فخاف على نفسه ، فالتجأ إلى دار الخلافة ، وذلك في شهر رجب سنة سبع وعشرين ، فمنع الخليفة منه ، وأرسل بارسطغان إلى الملك أبي كاليجار يحثه على طلب ملك العراق ، فأرسل أبو كاليجار جيشاً فوصلوا إلى واسط وأخرجوا منها الملك العزيز بن جلال الدولة ، فأصعد إلى أبيه ، فعند ذلك كشف بارسطغان القناع ، وانضَّم إليه أصاغر المماليك ، ونادوا بشعار أبي كاليجار ، وأخرجوا جلال الدولة من بغدادن فسار إلى أوانا ومعه البساسيري ، وأرسل بارسطغان إلى الخليفة في الخطبة لأبي كاليجار ، فامتنع واحتج بعهود جلال الدولة ، فأكره الخطباء على الخطبة لأبي كاليجار ، ففعلوا ، وسار الأجناد الواسطيّون إلى باب بارسطغان ، وكانوا معه ، ثم عاد جلال الدولة إلى الجانب الغربي ببغداد ، ومعه قراوش بن المقلَّد العقبلي ودبيس بن علي بن مزيد الأسدي ، وخطب بالجانب الغربي ، ولأبي كاليجار بالجانب الشرقي ، ثم سار جلال الدولة إلى الأنبار ، وسار قرواش إلى الموصل ، ووصل الخبر إلى بارسطغان بعود أبي كاليجار إلى فارس ، ففارقه الدَّيلم الذين كانوا نجدةً له ، فضعف أمره ، فرفع ماله وحرمه الدولة إلى دار الخلافة ، وانحدر إلى واسط ، وعاد جلال الدولة إلى بغداد ، وأرسل البساسيري والمرشد وبني خفاجة في إثر بارسطغان ، ومعهم جلال الدولة ودبيس ، فلحقوه بالخيزرانية ، فقاتلو ، فسقط عن فرسه ، فأسر وجيء بهفأسر وجيء به إلى جلال الدولة ، فقتله ، وكان عمره نحواً من سبعين سنة ، فضعف أمر الأتراك ، وطمع فيهم الأعراب ، واستولوا على إقطاعهم .
ذكر الصلح بين جلال الدولة وأبي كاليجار
وفي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة وقع الصّلح بين جلال الدّولة ، وأبي كاليجار ، والاتفاق ، وزال الخلف بعد أن كان بين عساكرهما حرب قبل ذلك ، فاتفقا الآن ،