كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 150 """"""
به ؛ لكثرة عساكره ، فأتوه وهو نائم ، وقد تفرق عسكره في البلد ، لابتياع ما يحتاجون إليه ، وكان جاهلاً بالحرب ، فلما شاهد أعلام أبي كاليجار شرع الوزير يرتب العسكر ، وقد داخلهم الرعب ، فحمل عليهم أبو كاليجار ، فانهزموا وغنم أموالهم ، فلما انتهى خبر الهزيمة إلى أبي الفوارس
ذكر عودة أبي الفوارس إلى فارس واخراجه
قال : ولما ملك أبو كاليجار البلاد ، ودخل شيراز ، وجرى على الدّيلم الشيرازيَّة من عسكره ما أخرجهم عن طاعته ، وتمنوا أنهم كانوا قتلوا مع عمه ، ثم إن عسكر أبي كاليجار شغبوا عليه وطالبوه بالمال فأظهر ديلم شيراز ما في نفوسهم من الحقد ، فعجز عن المقام معهم ، فسار عن شيراز إلى النونبدجان ، ولقي شدَّة في طريقه ، ثم فارقها لشدَّة حرِّها ، ووخامة هوائها إلى شعب بوّان ، فأقام به ، وهو أحد متنزهات الدنيا الأربع ، ولما سار عن شيراز أرسل الدَّيلم الشيرازيّون إلى أبي الفوارس يحثّونه على الوصول إليهم ، فسار إليهم وتسلَّم شيراز ، وقصد أبا كاليجار بشعب بوَّان ، ثم استقر بينهما الصلح ، على أن يكون لأبي الفوارس كرمان وفارس ، ولأبي كاليجار خوزستان ، وعاد أبو الفوارس إلى شيراز ، وسار أبو كاليجار إلى أرَّجان ، ثم إن وزيره أبي الفوارس صادر الناس ، وأفسد قلوبهم ، واجتاز به مال لأبي كاليجار ولمن معه من الديلم ، فأخذه ، فحينئذ حيَّ العادل ابن ماقيه صندلاً الخادم على العود إلى شيراز ، فعادت الحال إلى أشدِّ ما كانت عليه ، ثم حرج كل واحد ، من أبي الفوارس وأبي كاليجار ، والتقوا واقتتلوا ، فانهزم أبو الفوارس إلى دارا بجرد ، وملك أبو كاليجار فارس ، وعاد أبو الفوارس فجمع الأكراد ، فاجتمع له نحو عشرة آلاف مقاتل ، والتقوا واقتتلوا نحو البيضاء ، واصطخر ، فانهزم أبو الفوارس ومن معه ، وسار إلى كرمان ، واستقر ملك أبي كاليجار بفارس ، في سنة سبع عشرة وأربعمائة ، وفي أثناء ذلك خطب لأبي كاليجار ببغداد ، بعد وفاة مشرف الدولة ، كما قدمناه في أخبار