كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 154 """"""
وأصفهان ، وهمذان ، وبلاد فارس ، وخوزستان ، والعراق ، والموصل ، وديار بكر ، وما يليها ، وجميع عمان ، وانقرضت دولتهم كأًن لم تكن ، فسبحان الدائم الذي لا يزول ملكه ، ولا يفنى دوامه ، سبحانه وتعالى .
وحيث ذكرنا الدولة البويهية ، وأخبار ملوكها فلنذكر أخبار السلجقية .
ذكر أخبار الدولة السلجوقية وابتداء أمر ملوكها وكيف تنفلت بهم الحال ، إلى أن استولوا على البلاد ، وما حازوه من الأقاليم والممالك ، وغير ذلك من أخبارهم
كان ابتداء ظهور هذه الدولة في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة ، وملوكها هم الذي ينسب إليهم القبة و الطير . يقال : إنهم اتخذوا ذلك تبركا بالطائر الذي يقال إنه وقع ظله على أحد من البشر سعد سعادة عظيمة ، وقيل إن ظله وقع على أبيهم سلجق ، فكان من أمره ما نذكره ، وقد اختلف في انتسابهم إلى أي قبيلة ، فمن الناس من ذهب إلى أنهم من التركمان ، ومنهم من يقول إنهم من الترك ، وفي أخبارهم ما يدل على أنهم الأتراك . وأول من نبغ من ملوك هذه الدولة وعلا قدره ، وطار اسمه ، واستولى على البلاد ، وقاتل الملوك ، وحاز الممالك ونعت بالسلطنة : طغرلبك أبو طالب محمد بن ميكائيل بن سلجق بن يقاق .
وطغرلبك : بضم الطاء المهملة ، وسكون الغين المعجمة ، وضم الراء ، وسكون اللام ، وفتح الباء الموحدة وبعدها كاف .
ولنبدأ بذكر آبائه ، وابتداء أمرهم في سبيل التلخيص والاختصار ، لتكون أخبارهم سياقة ، يتلو بعضها بعضاً . فأما يقاق ، وقيل فيه دقاق ، ومعنى يقاق : القوس الجديدة ، فكأن رجلاً تركياً شهما ، صاحب رأي وتدبير ، وهو أول من دخل في دين الإسلام ، وكان مقدم طائفته من الأتراك ، ومرجعهم غليه ، لا يخالون له قولا ، وكان ملك الترك في زمانه بيغوا يتدبر برأيه ، ويقتدي بمشورته ، ويستصحبه في حروبه ، فيقال : إن يبغو جمع عساكره ، وأرادوا المسير إلى بلاد الإسلام ، فنهاه يقاق عن ذلك ، وطال الخطاب بينهما ، فأغلظ له ملك الأتراك في الكلام ، فلطمه يقاق فشجَّ رأسه فثار به خدم بيغو ، ثم صلح الأمر بينهما ، فكان يقاق عند بيغو إلى أن مات . وخلف ولده سلجق .

الصفحة 154