كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 155 """"""
ذكر أخبار سلجق بن يقاق
وسلجق بتفخيم الجيم ، لتكون بين السين والجيم ، ورأيت جماعة من المؤرخين اثبتوا في اسمه واواً ، فقالوا : سلجوق . قال ابن الأثير : وإثبات الواو في اسمه غلط ، والصواب سلجق . قال : ولما توفي والده يقاق ، ظهر على سلجق مخايل النجابة ، وإمارات التقدم ، فقربه ملك الترك ، وفوَّض إليه تدبير العساكر ، ولقبَّه سباشي ، ومعناه قائد الجيش ، فكانت امرأة الملك تحذَّره منه ، وتخوِّفه عاقبة أمره ، لما رأت من انقياد أصحابه أليه ، وطاعة الناس له ، وأغرته بقتله ، فبلغ سلجق الخبر ، فسار بجماعته ومن يطيعه ، والتحق بملك الخانية : شهاب الدولة هارون بن إيلك خان ، ملك ما وراء النهر ، فأمدَّه شهاب الدولة بجيش كثيف ، ليغزو بلاد كفار الترك ، فاستشهد في بعض حروب الكفار ، وقيل : بل توفي بجند ودفن بها ، قال ابن الأثير في تاريخه الكامل : إنه لما فارق بيغو أقام بنواحي جند ، وأدام غزو كفار الترك ، وكان ملك الترك يأخذ الخراج من المسلمين في تلك الديار ، فطرد سلجق عمّاله عنها ، ثم استنجد به بعض ملوك السامانية على هارون بن إيلك خان الخان ، لأنه كان قد استولى على بعض بلاده ، فأرسل إليه سلجق ابنه أرسلان ، في جمع من أصحابه ، فقوي بهم الساماني على هارون ، واستعاد ما كان أخذه من بلاده ، وعاد أرسلان إلى أبيه .
قال : ولما توفيِّ سلجق كان له من العمر مائة وسبع سنين ، وخلف من الأولاد : أرسلان ، وميكائيل ، وموسى ، فغزا ميكائيل بعض بلاد كفار الترك ، وباشر القتال بنفسه ، فاستشهد في سبيل الله ، وقيل بل مات في حبس السلطان محمود بن سبكتكين ؛ لأنه طلبه أن يكون في جملة أصحابه ، فامتنع من ذلك ، فقبض عليه ، واعتقله ، فمات في اعتقاله ، والله تعالى أعلم .
وخلف ميكائيل من الأولاد طغرلبك محمد ، وجغري بك داوود ، وبيغو ، فأطاعهم عشائرهم ، وانقادوا لأمرهم ، فنزلوا بالفري من بخاري ، على عشرين فرسخاً منها ، فخافهم أميرها ، فأساء جوارهم ، وقصد الإيقاع بهم ، فانتموا إلى بغراخان ملك تركستان ، واجتمعوا به ، وأقاموا عنده ، واستقرَّ الأمر بين طغرلبك وأخيه جغري بك