كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 158 """"""
وهي مدينة على نهر جيحون ، وأقطع دهشان لداود ، ونسا لطغرلبك ، وفراوه لبيغو ، ولقب كلَّ واحد منهم بالدَّهقان ، فاستخفوا بالرسول والخلع ، ثم قالوا له : لو علمنا أن السلطان يبقي علينا إذا قدر لأطعناه ، وكلنا نعلم أه متى قدر علينا أهلكنا ، فنحن لا نطيعه ، ثم أرسلوا إليه يخادعونه بإظهار الطاعة له ، وأحضره عنده ببلخ ، وأفرج عنه وأمره بمراسلة بني أخيه يأمرهم بالكفِّ عن الشر ، والدخول في الطاعة ، ففعل أرسلان ، وأرسل إليهم مع الرسول أشفا ، فلما جاء الرسول إليهم ، وأدى الرسالة ، وسلم إليهم الإشفي نفروا واستوحشوا ، وعادوا إلى ما كانوا عليه من الشر ، فأعاد الملك مسعود عمهم أرسلان إلى الحبس ، وسار إلى عزنة وقصد السلجقية بلخ ، ونيسابور ، وطوس ، وجوزجان ، وأقام داود بمدينة مرو ، وانهزمت العساكر المسعودية من السلجقية مرة بعد أخرى ، واستولى الرعب عليهم ، هذا والملك مسعود يغزو الهند ، والكتب تصل إليه بأخبار السلجقية وهو لا يجيب عنها ، ولا يلوي على ما فيها لاشتغاله بما هو أهم عنده من ذلك ، وهو غزو الهند ، وفتح قلاعهم ، على ما قدمناه في أخبار الدولة الغزنويه .
ذكر ابتداء الدولة السلجوقية وإقامة الخطبة لطغرلبك وداود
كان سبب ذلك أن وزراء السلطان مسعود ، وأهل دولته ، لما كرروا عليه القول وواصلوا الرسل إليه ، يعرفونه ما آل إليه أمر السلجقية ، ويحذرونه عاقبة توانيه فيهم ، جهز جيشا كثيفا مع حاجبه سباشي ، ومرداويج بن بسو ، فأقام سباشي بهراه ونيسابور ، ثم أغار على مرو وبها داود ، فانهزم داود بين يديه ، وتبعه العسكر المسعودي ، فعطف داود عليه ، وحمل على صاحب جوزجان ، فقتله ، فانهزم عسكر مسعود ، وعاد داود إلى مرو ، فأحسن إلى أهلها ، وخطب لنفسه فيها في أول جمعة من شهر رجب سنة ثمان وعشرين وأربعمائة ، وهي أول خطبة أقيمت لهم ، ولقب في الخطبة بملك الملوك ، وقويت نفوس السلجقية وزاد طمعهم في البلاد ، ثن التقى العسكر السعودي بعد ذلك ، والسلجقية ، وباشر سباشي الحرب بنفسه ، واقتتلوا على باب سرخس ، في شعبان سنة ثمان وعشرين ، فانهزم سباشي أقبح هزيمة ، وتبعه داود إلى طوس يأخذ أصحاب سباشي باليد ، وكفوا عن القتل ، وغنموا أموالهم ، فكانت هذه الواقعة هي

الصفحة 158