كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 159 """"""
التي أوجبت ملك السلجقية خراسان ، ودخلو فصبات البلاد ، فدخل طغرلبك نيسابور ، وسكن الشادياخ ، وخطب له فيها في شعبان ، ولقَّب بالسلطان المظفر وبثوا النواب في النواحي ، وسار داود إلى هراة ، وتوجه سباشي إلى غزنة فاضطر مسعود إلى المسير إلى خراسان ، وجمع من العساكر ما يضيق بها الفضا ، وفرق فيهم الأموال ، وشار من غزنة ، ومعه من الفيلة عدد كثير ، فوصل إلى بلخ ، فقصده داود ، ونزل قريبا منها ، ودخلها يوماً جريدة ، على حين غفلة من العسكر ، فأخذ الفيل الكبير الذي على باب الملك مسعود ، وعدة جنائب ، فعظم قدره في نفوس الناس وازدادت ، هيبته في قلوب العسكر ، ثم سار مسعود من بلخ في مستهل شهر رمضان سنة تسع وعشرين ، ومعه ألف فارس سوى الأتباع ، وسار إلى جوزجان ، فأخذ واليها الذي كان للسلجقية ، فصلبه ، وسار منها ، فوصل إلى مرو الشاهجان ، وسار داود إلى سرخس ، واجتمع بأخويه طغرلبك وبيغو ، فراسلهم مسعود في الصلح ، فتوجه إليه بيغو بالجواب ، فأكرمه مسعود وخلع عليه ، وكان مضمون رسالته : إنا لا نثق بمصالحتك بعد ما فعلناه من هذه الأفعال ، التي كل فعل منها موبق مهلك ، وآيسوه من الصلح ، فسار مسعود من مرو إلى هراة ، وقصد داود مرو ، فامتنع أهلها من تسليمها ، فحاصرهم سبعة أشهر ، وملكها ، فسقط في يد مسعود ، وسار من هراة إلى نيسابور ثم إلى سرخس ، وكلما اتبع السلجقية إلى مكان ساروا منه إلى غيره ، ولم يزل كذلك حتى أدركه الشتاء ، فأقام بنيسابور ينتظر الربيع ، فلما جاء الربيع اشتغل مسعود بلهوه وشربه ، حتى انقضى فصل الربيع ، فلما جاء الصيف عاتبه أصحابه على إهماله أمر السلجقية ، وعدم مناجزتهم للحرب ، فسار من نيسابور في طلبهم ، فدخلت السلجقية البرية ، وتبعهم مرحلتين ، وقد ضجر عسكره من التعب والكلال ، فنزل الملك مسعود منزلاً قليل الماء ، فاقتتل عسكره على الماء ، ونهب بعضهم بعضاً ، فعلم داود بما هم فيه ، فرجع عليهم ، فولَّوا منهزمين لا يرجع بعضهم على بعض ، وثبت مسعود ، ثم انهزم في نحو مائة فارس ، حتى أتى غرشستان وغنم السلجقية من

الصفحة 159