كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 16 """"""
ذكر أخبار ناصر الدولة سبكتكين وابتداء أمره وماكان منه إلى أن ملك
كان سبكتكين من غلمان أبي إسحاق بن البتكين صاحب جيش غزنة للسامانية ، وكان مقدما عنده ، وعليه مدار أمره ، وقدم إلى بخارى أيام الأمير منصور بن نوح مع أبى إسحاق ، فعرفه أرباب تلك الدولة بالعقل والعفة وجودة الرأي ، وعاد معه إلى غزنة ، ثم لم يلبث أبو إسحاق أن توفي ، ولم يخلف من أهله وأقاربه من يصلح المتقدم ، فأجمع أصحابه رأيهم على سبكتكين ، فقدموه عليهم ، وولٌّوه أمرهم ، وحلفوا له وأطاعوه ، فأحسن السيرة فيهم ، وساس أمورهم ، وجعل نفسه كأحدهم في الحال والمال ، وكان يدخر من إقطاعه ما يعمل منه طعاما لهم في كل أسبوع مرتين . فعظم شأنه ، وارتفع قدره ، وحسن ذكره ، وتعلقت الأطماع بالاستعانة به .
ذكر ولايته قصدار وبست
كان سبب ذلك أن طغان خان صاحب بست خرج عليه أمير يعرف ببابي تور ، فملك مدينة بست منه . وأجلاه عنها بعد حرب شديدة ، فاستغاث بسبكتكين ، والتزم بمال يحمله إليه في كل سنة ، وطاعة يبذلها ، فسار معه ، ونزل على بست ، وقاتل الخارج على طغان قتالا شديدا ، وهزمه ، وتسلم طغان البلد ، فلما استقر فيه طالبه سبكتكين بما استقر عليه ، فأخذ يماطله ، فأغلط له في القول لكثرة مطله ، فحمل طغان الجهل على أن ضرب سبكتكين وحجز العسكر بينهما ، وقامت الحرب بينهما على ساق ، فانهزم طغان ، واستولى سبكتكين على بست ، وسار طغان إلى قصدار وكان يتولاها أيضا فعصى بها ، واستعصم ، وظن أن ذلك بمنعه من سبكتكين ، فسار إليه جريدة ، فلم يشعر إلا والخيل معه ، فأخذه من داره ثم منَّ عليه ، وأطلقه ، ورده إلى ولايته ، وقرر عليه مالاً يحمله في كل سنة .
ذكر غزوه الهند وما كان بينه وبينهم
قال : ولما فرغ سبكتكين من بست وقصدار غزا الهند ، فافتتح قالعا حصينة على شواهق الجبال ، وعاد سالما ظافرا ، فلما رأى جيبال ملك الهند ما دهاه منه