كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 163 """"""
فعند ذلك أعمل الحيلة ، وعمد إلى بيوت الطعام التي بالقلعة فملأها تراباً وحجارة ، وسدّ أبوابها ، ونشر من داخل الأبواب شيئاً من الطعام ، وعلى رأس التراب والحجارة مثل ذلك ، وراسل إبراهيم في تسليم القلعة إليه ، على أن يؤمنه على من بها من الرجال ، وما بها من الأموال ، فامتنع إبراهيم من ترك المال ، فأخذ عكبر رسول إبراهيم ، وطوَّفه على بيوت الطعام ، فرآها مملوءة وظنها طعاماً ، وقال له : قل لصاحبك إنني لم أرسل إليه خوفاً من المطاولة ، فإن بذل لي الأمان على ما طلبته لي ، وللأمير كرشاسف وأمواله ، ولمن بالقلعة ، سلمتها إليه ، وكفيته مؤنة المقام ، فلما عاد الرسول إلى إبراهيم ، وأخبره بما سمع ، أجابه إلى ما طلب ، ونزل عكبر ، فلما تسلّم إبراهيم القلعة تبينت له مكيدته ، وسلم إليه سرجاب ابن أبي السؤل ؛ ليفتح به قلاعه ، وكان الأكراد الملاذية قد قبضوا عليه ، وسلّموه لإبراهيم ينال ، قبل ذلك ، فسار به أحمد إلى قلعة كلكان ، فامتنعت عليه ، فسار إلى قلعة دردبلوه ، فحصرها ، وامتدت طائفة ممن معه إلى تلك الأعمال ، فنهبوها ، ووصلوا إلى الدسكرة ، وباجسري ، والهارونية ، وقصر سابور ، وجميع تلك الأعمال ، ونهبوها ، فوصل الخبر إلى بغداد ، فارتاع أهلها ، ثم سار إبراهيم ينال إلى السيروان ، فحصر القلعة ، وضيّق على من بها ، وأرسل سرّية نهبت البلاد ، وانتهت إلى عشرة فراسخ من تكريت ، ثم تسلم السيروان من مستحفظها بعد أن أمنه ، واستخلف عليها رجلاً من أصحابه ، وانصرف إلى حلوان ، وعاد إلى همذان .
ذكر غزو إبراهيم ينال الروم
وفي سنة أربعين واربعمائة غزا إبراهيم الروم ، فظفر وغنم وأسر وسبى ، وكان سبب : ذلك أن خلقاً كثيراً من الغز مما وراء النهر ، قدموا عليه ، فقال لهم : إن بلادي تضيق عن مقامكم ، والقيام بما تحتاجون إليه ، والرأي أن تمضوا إلى غزو الروم ، وتجاهدوا في سبيل الله تعالى ، وتغنموا وأنا سائر في أثركم ، فساروا بين يديه وتبعهم ،

الصفحة 163