كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 164 """"""
فوصلوا إلى ملاذكرد ، وأرزن الروم ، وقاليقلا ، وبلغوا طرابزون ، وتلك النواحي كلها ، ولقيهم عسكر عظيم للروم والأنجاز ، يبلغون خمسين ألفا ، فاقتتلوا وكانت بينهم عدة وقائع ، تارة لهؤلاء ، ثم كان الظفر للمسلمين ، فأكثروا القتل في الروم ، وأسروا جماعة كثيرة من بطارقتهم . وممن أسر قاريط ملك الأنجاز ، فبذل في نفسه ثلثمائة ألف دينار ، فلم يجبه إلى ذلك ، ولم يزل بجوس خلال تلك الديار وينهبها ، إلى أن بقي بينه وبين القسطنطينية خمسة عشر يوما ، واستولى المسلمون على تلك النواحي ، وغنموا ما فيها ، وسبوا أكثر من مائة ألف رأس ، وأخذوا الدواب ، والبغال ، والأموال ما لا يقع عليه الإحصاء ، قيل : إن الغنائم حملت إلى عشرة آلاف عجلة ، وإنه كان في جملة الغنيمة تسعة عشر ألف درع ، والله أعلم .
ذكر الوحشة بين طغرلبك وأخيه إبراهيم ينال والاتفاق بينهما
وفي سنة إحدى وأربعين وأربعمائة استوحش إبراهيم من أخيه السلطان طغرلبك ، وكان سبب ذلك أن ، طغرلبك طلب من أخيه إبراهيم أن يسلم إليه مدينة همدان ، والقلاع التي بيده في بلد الجبل ، فامتنع من ذلك ، واتهم وزيره أبا يعلى في السعي بينهما ، فقبض عليه وضربه ، وسمل إحدى عينيه ، وقطع شفتيه ، وجمع جمعا ، والتقى مع السلطان طغرلبك ، وكان بينهما قتال ، فانهزم إبراهيم ، وسار طغرلبك في أثره ، وملك جميع قلاعه وبلاده ، وتحصَّن إبراهيم بقلعة سرماج ، فحصره طغرلبك بها ، فملكها في أربعة أيام ، وكانت من أحصن القلاع ، واستذل ينال منها ، وأرسل إلى نصر الدولة بن مروان يطلب منه إقامة الخطبة له في بلاده ، فأطاعه ، وخطب له في سائر ديار بكر ، وراسل ملك الروم السلطان طغرلبك ، وأرسل إليه هدية عظيمة ، وطلب منه المعاهدة ، فأجابه إلى ذلك ، وأرسل ملك الروم إلى ابن مروان يسعى في فداء ملك الأنجاز ، فأرسل نصر الدولة إلى السلطان شيخ الإسلام أبا عبد الله ابن بهران في معناه ، فأطلعه بغير فداء ، فعظم ذلك عنده ، وعند ملك الروم ، وأرسل إليه هدايا عظيمة ، فقيل : إنه أرسل إليه ألف ثوب من الديباج ، وخمسمائة ثوب من

الصفحة 164