كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 167 """"""
ونفروا منه ، وراسلوا الخليفة ، وقالوا : إنا فعلنا بالبساسيري ما فعلناه ، وهو كبيرنا ومقدمنا ابتاعا لأمر أمير المؤمنين ، ووعدنا أمير المؤمنين برد هذا الخصم ، ونراه قد قرب منا ، ولم يمنع من المجيء ، وسألوا التقدم إليه في العود ، فغولطوا في الجواب ، وكان رئيس الرؤساء يؤثر مجيئه ، ويختار انقراض الدولة البويهية ، ثم وصل الملك الرحيم إلى بغداد ، وأرسل إلى الخليفة يظهر العبودية ، وسأل تقرير قاعدته مع طغرلبك ، وكذلك سأل من معه من الأمراء ، فأجيبوا بأن المصلحة أن تدخل الأجناد خيامهم ، من ظاهر بغداد ، وينصبوها بالحريم ، ويرسلوا رسولاً إلى طغرلبك يبذلون له الطاعة والخطبة ، فأجابوا إلى ذلك ، وراسلوه ، فأجابهم إلى ما سألوه ، ووعدهم الإحسان إليهم ، وتقدم الخليفة إلى الخطباء بجوامع بغداد بالخطبة للسلطان طغرلبك ، فخطب له لثمان بقين من شهر رمضان من السنة ، وأرسل طغرلبك يستأذن الخليفة في دخول بغداد ، فأذن له ، وخرج وزير الخليفة ، ورؤساء بغداد وأعيانها ، وأمر الملك الرحيم للقائه ، واستحلفه الوزير للخليفة ، وللملك الرحيم ، ودخل بغداد في يوم الإثنين لخمس بقين من شهر رمضان ، ونزل بباب الشماسية ومعه ثمانية عشر فيلا ، ودخل عسكره بغداد للامتياز ، وشراء ما يريدونه من أهلها ، وأحسنوا معاملتهم ، فلما كان الغد ، وهو يوم الثلاثاء ، جاء بعض العسكر إلى باب الأزج ، وأخذوا واحداً من أهله ، فطلبوا منه تبنا ، وهو لا يفهم عنهم ما يريدون ، فاستغاث عليهم ، وصاح العامة لهم ، ورجموهم ، وسمع الناس الصياح ، فظنوا أن الملك الرحيم وعسكره قد عزموا على قتال طغرلبك ، فارتج البلد من أقطاره وأقبلوا من كل جهة ، وقتل من الغز من وجد في محال بغداد إلا أهل الكرخ ، فإنهم لم يتعرضوا إلى الغز بأذية بل حموهم ، وخرج عامّة بغداد ، ومعهم جماعة من العسكر ، يقصدون العسكر السلطاني ، ولم يركب الملك الرحيم ، ودخل أعيان أصحابه إلى دار الخليفة ، وأقاموا بها نفياً للتهمة عن أنفسهم ، ظناً منهم أن ذلك ينفعهم ، وأما عسكر السلطان طغرلبك ، فإنهم لما رأوا فعل العامة وظهورهم من البلد قاتلوهم ، ففل من الفريقين خلق كثير ، وانهزمت العامة ، ونهب الغز بعض الدروب ، ونقل الناس أموالهم إلى باب النوبي ، وأرسل الغز بعض الدروب ، وأرسل طغرلبك من الغز إلى الخليفة يعتب ، وينسب ما جرى إلى الملك الرحيم وأصحابه ، ويقول : إن حضروا رئت ساحتهم ، وإن تأخروا عن الحضور تيقنت أن الذي جرى كان بوضعهم ، فتقدم الخليفة إلى الملك الرحيم وأصحابه يقصد

الصفحة 167