كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 169 """"""
فلا تراقبه فيهم ، ولا تستحي من جلالة الله عز وجل ، في سوء معاملتهم ، وتغتر بإمهاله عند الجور عليهم ، فاستيقظ فزعاً ، وأحضر عميد الملك الوزير ، وذكر له ما رآه ، وأرسله إلى الخليفة يعرفه أنه مقابل ما رسم به بالسمع والطاعة ، وأخرج الجند من دور العامة ، وأمر أن يظهر من كان مختفياً ، وأزال التوكيل عمَّن كان وكل به ، وعزم على الرحيل ، وأتاه خير البساسيري ، والواقعة التي بينه وبين قريش بن بدران ، صاحب الموصل ، على ما قدمناه في أخبار القائم بأمر الله ، فتجهز ، وسار عن بغداد ، في عاشر ذي الحجة من السنة ، ومعه خزائن السلاح والمجانيق ، وكان مقامه ببغداد ثلاثة عشر شهراً وأياماً ، لم يلق الخليفة فيها ، وسار إلى البوازيج وأقام بها حتى أتاه ياقوتي بالعساكر ، في سنة سبع وأربعين ، فسار بهم إلى الموصل ، وسير هزار سب بألف فارس اختارهم من العسكر ، فدخل البرية ، وأوقع بالعرب ، وعاد إلى السلطان ، فعندها أرسل نور الدولة دبيس بن مزيد ، وقريش بن بدران صاحب الموصل ، يسألان هزار سب أن يتوسط لهما عند السلطان طغرلبك ، فسعى في ذلك ، فأجابه إليه في حقهما دون البساسيري ، فتوجَّه البساسيري عند ذلك إلى الرَّحبة ، وتبعه الأتراك البغداديون ، ومقبل بن المقلد ، وجماعة من عقيل ، ثم سار السلطان إلى ديار بكر ، التي هي لابن مروان ، ووصل إلى جزيرة ابن عمر ، فأرسل إليه بن مروان يذكر ما هو بصدده من حفظ ثغور المسلمين ، وما يعانيه من مجاهدة الكفار ، وبذل ما يصلح ، ثم وصل إبراهيم ينال إلى السلطان ، يعرِّفهما وصوله ، ويحذرهما منه ، فسار من جبل سنجار إلى الرحبة ، فلم يلتفت البساسيري إليهما ، فانحدر نور الدولة إلى بلد العراق ، وأقام قريش عند البساسيري بالرحبة ، وشكى قتلمش بن عم السلطان ما لقي من أهل سنجار في العام الماضي ، عند انهزامه من البساسيري ، وأنهم قتلوا رجاله ، فسيَّر العساكر إليهما ، فصعد أهل سنجار على السور ، وسبّوا السلطان ، وأخرجوا جماجم القتلى وقلانسهم ، وجعلوها على القصب ، ففتحها السلطان عنوة ، وقتل أميرها علي بن مرحا ، وخلقا مثيرا من رجالها ، وسبي نسائهم ، وسأل إبراهيم ينال من الباقين ، فتركهم السلطان ، وسلَّمها هي والموصل إلى أخيه إبراهيم ينال . والله أعلم بالصواب

الصفحة 169