كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 17 """"""
حشد ، وجمع ، واستكثر من الفيلة ، وسار حتى اتصل بولاية سبكتكين ، فسار سبكتكين من غزنه بعساكره ، وتبعه خلق كثير من المتطوعه ، والتقوا واقتتلوا أياما كثيرة ، وكانوا بالقرب من عقبة عورك ، فلما طال الأمر على ملك الهند طلب الصلح ، وقرر على نفسه مالاً يؤديه لسبكتكين وخمسين فيلا وبلاداً يسلمها ، فجهل المال والفيلة ، وأعطى جماعة من أهله رهائن على البلاد ، وسيَّر معه سبكتكين من يتسلَّمها . فلما أبعد ملك الهند قبض على من معه من أصحاب سبكتكين ، وجعلهم عنده عوضاً عن رهائنه ، فلما اتصل ذلك بسبكتكين ، جمع العساكر وسار نحوه ، وأخرب كل ما مرَّ عليه من بلاد الهند ، وقصد لمغان ، وهي أحصن بلادهم ، فافتتحها عنوة ، وهدم بيوت الأصنام ، وأقام فيها شعائر الإسلام ، وسار عنها يفتح البلاد ، ويقتل أهلها ، فلما بلغ ما أراده عاد إلى غزنة ، فجمع جيبال ملك الهند العساكر ، وسار في مائة ألف مقاتل ، ولقيه سبكتكين ، وأمر أصحابه أن يتناوبوا القتال مع الهنود ، ففعلوا ذلك حتى ضجر الهند من دوام القتال ، وحملوا حملة واحدة ، واشتد القتال ، فانجلت الحرب عن هزيمة الهنود ، وأخذهم بالسيف ، وأسر منهم خلق كثير ، وغنم من أموالهم ، وأثقالهم ، ودوابهم مالا يحصى كثرة ، فذلَّ الهنود بعد هذه الوقعة ، وأطاع سبكتكين الأفغانية والخلج ودخلوا تحت أمره وطاعته ، فعظمت هيبته ، واتسعت مملكته .
ذكر ملك محمود بن سبكتكين خراسان
قال : وفي سنة أربع وثمانين وثلاثمائة كانت ولاية محمود بن سبكتكين خراسان من قبل الأمير نوح بن منصور الساماني عوضا عن أبي علي بن سيمجور ، ولقَّبه الأمير نوح سيف الدولة ، ولقَّب سبكتكين ناصر الدولة ، وأقام محمود بنيسابور ، فانهزم محمود ، ثم جمع عساكره وعساكر أبيه ، فأخرجا بن سيمجور عنها في بقية السنة ، واستقر ملك محمود بخراسان على ما قدمناه في أخبار الدولة السامانية .
ذكر وفاه ناصر الدولة سبكتكين وولاية ولده اسماعيل
كانت وفاته رحمه الله في شعبان سنة سبع وثمانين وثلثمائه ، وكان إذ ذاك ببلخ ، وقد جعلها مقر ملكه ، وابتنى بها دورا ومساكن ، فمرض وطال مرضه ، فارتاح

الصفحة 17