كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 171 """"""
السلطان إلى نصيبين ، ليتبع آثارهم ويخرجهم من البلاد ، ففارقه أخوه إبراهيم ينال ، وسار نحو همذان ، فوصل إليها ، لربع بقين من شهر رمضان سنة خمسين وأربعمائة ، وقد قيل : إن المستنضر كاتبه ، وكاتب البساسيري ، وأطمعه في السلطنة والبلاد ، ففعل ذلك ، وسار السلطان في أثره ، وهو في قلَّة من العسكر ، وكان إبراهيم قد اجتمع له كثير من الأتراك ، وحلف لهم أنه لا يصالح أخاه طغرلبك ، ولا يكلِّفهم المسير إلى العراق ، فلم يقو السلطان له ، وأتى إلى إبراهيم محمد ، وأحمد ابنا أخيه أرتاش في خلق كثير ، فازداد بهم قوة ، وازداد بهم قوة ، وازداد طغرلبك ضعفاً ، فانزاح بين يديه إلى الري ، وكاتب ألب أرسلان ، وياقوتي وقارود بك أولاد أخيه ، وكان داود قد مات على ما نذكره ، وملك بعده ابنه أرسلان خراسان ، واستدعاهم ، فقدموا إلى عمّهم طغرلبك بالعساكر الكثيرة ، فلقي إبراهيم بالقرب من الري ، فانهزم إبراهيم ، ومن معه ، وأخذ أسيراً هو ، ومحمد ، وأحمد ابنا أخيه ، فأمر السلطان به ، فخنق بوترقوسه في تاسع جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين ، وقتل ولدي أخيه ، وفي أثناء هذه السنة عند اشتغال السلطان طغرلبك بحرب أخيه إبراهيم استولى البساسيري على بغداد . وأخرج الخليفة منها ، وكان ما قدمناه في أخبار القائم بالله ، وكان إبراهيم ينال قد خرج على أخيه مراراً ، وهو يقدر عليه ، ويعفو عنه ، وإنما قتله في هذه الواقعة لأنه علم أن الذي جرى على الخليفة كان بسببه ، ولما فرغ طغرلبك من أمر أخيه ، عاد إلى العراق ، وأعاد الخليفة إلى بغداد ، وكان ما قدمناه من مقتل البساسيري .
ذكر وفاة جغري بك داود صاحب خراسان ، وملك ابنه ألب أرسلان
كانت وفاته في شهر رجب سنة إحدى وخمسين ، وقيل في صفر سنة اثنين وخمسين وأربعمائة ، وعمره نحو سبعين سنة ، كان له خراسان ، وكان حسن السيرة معترفاً بنعمة الله عليه ، شاكراً عليها ؛ فمن ذلك أنه أرسل إلى طغرلبك مع عبد الصمد قاضي سرخس ، يقول : قد بلغني إخرابك للبلاد التي فتحتها وملكتها ، وجلاء أهلها عنها ، وهذا ما لا خفاء به مخالفة أمر الله تعالى ، في بلاده وعباده ، وأنت تعلم ما فيه من سوء السمعة ، وإيحاش الرعية ، وقد علمت أننا لقينا أعداءنا ،

الصفحة 171