كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 172 """"""
ونحن في ثلاثين رجلا ، وهم في ثلثمائة ، فغلبناهم ، ثم كنا في ثلثمائة ، وهم في ثلاثة آلاف ، فغلبناهم ، ثم كنا في ثلاثة آلاف ، وهم في ثلاثين ألفا ، فدفعناهم ، وقاتلنا بالأمس شاه ملك ، وهو في أعداد كثيرة فقهرناه ، وأخذنا مملكته بخوارزم ، وهرب بين أيدينا إلى خمسمائة فرسخ من موضعه ، فظفرنا به ، وأسرناه ، وقتلناه ، واستولينا على ممالك خراسان ، وسجستان ، وصنا ملوكاً متبوعين ، بعد أن كنا أصاغر تابعين ، وما تقتضي نعم الله علينا أن نقابلها بهذه المقابلة ، فقال طغرلبك : قل له في الجواب : يا أخي أنت ملكت خراسان ، وهي بلاد عامرة ، فخربتها ، ووجب عليك مع استقرار قدمك عمارتها ، وأنا وردت بلاداً أخربها من تقدمني ، واجتاحها من كان من قبلي ، فما أتمكن من عمارتها ، والأعداء محيطة بها ، والضرورة تقود إلى طرقها بالعساكر ، فلا يمكن دفع مضرتهم عنها .
ولداود مناقب كثيرة ، وكان له من الأولاد : ألب أرسلان ، وياقوتي ، وسليمان ، وقاورد بك ، ولما مات ملك بعده ابنه ألب أرسلان ، وتزوج طغرلبك بزوجة أخيه داود ، وهي والدة سليمان ، ووصى له بالملك بعده ، في سنة اثنين وخمسين توفيت زوجة السلطان طغرلبك ، فوجد عليها وجداً شديداً ، ونقل تابوتها إلى الري .
ذكر زواج السلطان طغرلبك بابنة الخليفة
وفي سنة أربع وخمسين وأربعمائة عقد السلطان طغرلبك على ابنة الخليفة القائم بأمر الله ، وكانت الخطبة قد تقدَّمت في سنة ثلاث وخمسين ، مع أبي سعيد قاضي الري ، فانزعج الخليفة من ذلك ، وأرسل في الجواب أبا محمد التميمي ، وأمره أن يستعفي ، فإن أعفى والآكمَّ الأمر ، على أن يحمل السلطان ثلثمائة ألف دينار ، ويسلم واسط وأعمالها ، فلما وصل إلى السلطان ذكر لعميد الملك الكندري الوزير ما ورد فيه من الاستعفاء ، فقال : لا يحسن أن يردَّ السلطان ، وقد سأل وتضرع ، ولا يجوز أيضاً مقابلته بطلب الأموال والبلاد ، ومهما فعلته فهو الصواب . فبنى الأمر على الإجابة ، وطلع به السلطان ، فسرّ به وجمع الناس ، وعرفهم أن همته قد سمت إلى الاتصال بهذه الجهة النبوية ، وبلغ من ذلك ما لم يبلغه سواه من الملوك ، وتقدَّم إلى الوزير عميد الملك أن يسير ، ومعه أرسلان خاتون ابنة أخيه داود ، وهي زوجة الخليفة القائم بأمر الله ، وأن يصحبها مائة ألف دينار برسم الجمل ، وما شاكلها من الجواهر ، وغيرها ، ووجه معه فرامرز بن