كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 174 """"""
ذكر وفاة السلطان طغرلبك وشيء من سيرته
كانت وفاته بالريّ في يوم الجمعة لثمان خلون من شهر رمضان سنة خمس وخمسين وأربعمائة ، وكان قد سار من بغداد في شهر بيع الأول إلى بلد الجبل ، ومعه أرسلان خاتون ابنة أخيه داود ، وهي زوجة الخليفة لأنها شكت إليه اطِّراح الخليفة لها ، واتفق مرضه ، فمات إلى مرو ، ودفن عند قبر أخيه داود ، وكان عمره سبعين سنة تقريبا ، ومدة ملكه منذ خطب له بنيسابور في شعبان سنة ثمان وعشرين وأربعمائة ، وإلى أن توفي سبعة وعشرين سنة ، وأياما ، ومنذ ملك بغداد سبع سنين ، وأحد عشر شهرا ، واثنا عشر يوما ، وكان عاقلا حليما من أشد الناس احتمالا ، وأكثرهم كتمانا لسره ، وكان يحافظ على الصلوات ، ويصوم الإثنين ، والخميس ، وكان ملبسه البياض إلا أنه كان فيه ظلم وقساوة ، وكان أصحابه يغصبون الناس أموالهم ، وأيديهم مطلقة في ذلك ، فال يمنعهم ، وكان عقيما لم يولد له .
وزراؤه : أول من وزر له أبو القاسم علب بن عبد الله الجويني في سنة ست وثلاثين وأربعمائة ، ثم وزر بعده رئيس الرؤساء أبو عبد الله الحسين بن علي بن ميكائيل ، ثم وزر له بعده نظام الملك ، ثم وزر له بعده عميد الملك أبو نصر الكندري ، وهو أشهر وزرائه ، وإنما اشتهر دون غيره من وزرائه ؛ لأن السلطان طغرلبك عظمت دولته في وزارته ، وملك العراق ، وخطب له بالسلطنة ، وقد تقدم من أخبار هذا الوزير ما يدل على تمكنه ، والله أعلم .
ذكر أخبار السلطان عضد الدولة
هو ألب أرسلان أبو شجاع محمد بن جغري بك داود بن ميكائيل ابن سلجق ، وهو الثاني من ملوك الدولة السلجقية ، ومعنى اسمه رجل أسد ، واللام والباء في ألب مفخمتان . ملك خراسان بعد وفاة أبيه داود في شهر رجب سنة إحدى وخمسين وأربعمائة ، وقيل في صفر سنة اثنتين وخمسين ، وملك العراق وغيره بعد وفاة عمه السلطان طغرلبك في سنة خمس وخمسين ، وكان طغرلبك قد نصَّ على توليه سليمان اين أخيه داود أخي ألب أرسلان لأن أمه كانت عنده ، فتبع هواها فيه ، فلما مات السلطان طغرلبك نفذ الوزير عميد الملك وصيته فيه ، وأجلس سليمان في السلطنة ،