كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 177 """"""
ذكر فتح مدينة آني وغيرها من بلاد النصرانية
قال : وسار ألب أرسلان من الري إلى أذربيجان في أول شهر ربيع الأول ، وقد عزم على جهاد الروم ، وغزوهم ، فأتاه أمير من الروم كان يكثر غزوهم اسمه طغركين ، ومعه من عشيرته خلق كثير قد ألفوا الجهاد ، وخبروا تلك البلاد ، وحثه على قصد بلاد الروم ، وضمن له سلوك الطريق المستقيم ، فسار معه فوصل إلى نفجوان ، وأمر بعمل السفن لعبور النهر ، وجميع العساكر ، وسار إلى بلاد الكرج ، وجعل مكانّه في عسكره ولده ملكشاه ، والوزير نظام الملك ، فساروا إلى قلعة فيها جمع كثير من الروم ، فحصاروها ، فملكها المسلمون ، وقتل أميرها ، وساروا منها إلى قلعة سمارس وهي قلعة فيها الأنهار الجارية ، والبساتين ، فملكوها ، وفتحوا قلعة أخرى بالقرب منها ، وشحنوها بالرجال والذخائر والأموال ، والسلاح وسم هذه القلاع إلى أمير نقجوان ، ثم سار إلى مدينة مريم ونسين ، وفيها كثير لأهل هذه البلد ، وهي مدينة حصينة ، وسورها من الحجر المبني بالرصاص والحديد ، وعندها نهر كبير ؛ فأعدّ نظام الملك السفن لقتال من بها ، ودوام القتال ليلا ونهاراً إلى أن يسّر الله فتحها ، وأحرقوا البيع ، وقتلوا كثير من أهلها ، وأسلم كثير ، فنجوا من القتل ، ثم استدعى السلطان ابنه ، والوزير ، فسارا إليه ، ففرح بما يسَّره الله من الفتح على يد ملكشاه ابنه ، وفتح عدة من الحصون في طريقه ، واسر من النصارى ما لا يحصى كثرة ، وساروا إلى سيبد سهر ، فجرى بين أهلها ، وبين المسلمين حروب شديدة ، ثم يسَّر الله فتحها ، وملكها السلطان ، وسار منها إلى مدينة أعال لال ، وهي حصينة عالية الأسوار شاهقة ، وهي من جانبيها الشرقي والغربي على جبل عال ، وعليه عدَّة من الحصون ، ومن الجانبين الآخرين نهر كبير لا يخاض ، وكان ملكها من الكرج ، فجرى عليها حروب عظيمة ، ويسّر الله فتحها ، واعتصم جماعة من أهلها في برج من ابراج المدينة ، فأحرقه السلطان بالنار ، وغنم المسلمون من المدينة ما لا يحصى ، وخرجوا إلى خيامهم ، فلما جن الليل عصفت الريح ، فاحترقت المدينة من نار البرج ، وذلك في شهر رجب سنة ست وخمسين وأربعمائة ، وملك السلطان قلعة

الصفحة 177