كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 178 """"""
حصينة كانت إلى جانب المدينة ، وأخذ ما فيها ، وسار منها إلى ناحية قرش ، ومدينة آني وبالقرب منها بسل وورده . وجوده ، فخرج أهلها مذعنين معلنين بالإسلام ، وخربوا البيع ، وبنوا المساجد ، وسار منها إلى مدينة آني ، فرآها حصينة لا ترام ، ثلاثة أرباعها على نهر رأس ، والربع الآخر على نهر عميق شديد الجرية لو طرحت الحجارة فيه لحملها ، والطريق إليها على خندق عليه سور من الحجارة الصم ، وهي مدينة عامرة آهلة ، وضيَّق على من بها إلا أن المسلمين أيسوا من فتحها لما رأوا من حصانتها ، فأتى من لطف الله تعالى ما لم يكن في حساب ، وانهدم من السّور قطعة كبيرة لم يعلم سبب هدمها ، فدخل المسلمون في المدينة ، وقتلوا من أهلها ملا لا يحصى كثرة ، وأسروا نحوا مما قتلوا ، وسارت البشائر بهذا الفتح في البلاد ، وقرأ كتاب الفتح ببغداد في دار الخلافة ، فبرز خط الخليفة بالثناء على ألب أرسلان ، والدعاء له ، فرتب السلطان بالمدينة أميرا في عسكر جرار ، وعاد عنها وقد راسله ملك الكرج في الهدنة ، وصالحه على أداء الجزية في كل سنة ، وعاد السلطان إلى أصفهان ، وكرمان ، ثم إلى مرو ، وزوج ابنة ملكشاه بابنة خاقان ملك ما وراء النهر ، وزفت إليه في هذه السنة ، وزوج ابنه أرسلان شاه بابنة صاحب غزنه ، فاتحد البيت السلجقي والمحمودي ، واتفقت الكلمة .
وفي سنة سبع وخمسين وأربعمائة ابتدئ بعمارة المدرسة النظامية ببغداد ، وكملت عمارتها في سنة تسع وخمسين ، وتقرر التدريس بها للشيخ أبي سحاق الشيرازي ، فلما اجتمع الناس لحضور الدروس طلب ، فلم يوجد ، وكان سبب تأخره أنه لقيه صبي ، فقال : كيف تدرس في مكان مغصوب ؟ ، فلم يحضر ، فلما أيس الناس من حضوره درس بها أبو نصر الصباغ صاحب الكتاب الشامل ، ثم تلطف نظام الملك بالشيخ أبي إسحاق ، حتى درَّس بها بعد عشرين يوماً .

الصفحة 178