كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 179 """"""
ذكر تقرير ملكشاه في ولاية العهد بالسلطنة من بعد أبيه
وتقرير البلاد باسم أولاد السلطان وأخوته
في سنة ثمان وخمسين وأربع مائة سار السلطان ألب أرسلان من مرو إلى أرزكان ، ونزل بظاهرها ، ومعه جماعة من أمراء دولته ، فأخذ عليهم العهود والمواثيق لولده ملكشاه بأنه السلطان من بعده ، وركبه ، ومشي بين يديه يحمل الغاشية ، وخلع السلطان على جميع الأمراء ، وأمر بالخطبة له في جميع بلاده ، وأقطع البلاد ، ومازندران لأمير أينانج بيغو ، وبلخ لأخيه سليمان بن داود جفري بك ، وخوارزم لأخيه أرسلان أرغو ومرو لابنه أرسلان شاه ، وصغانيان وطخارسان لأخيه إلياس ، وولاية بغشور ، ونواحيها لمسعود بن ارتاش ، وهو من أقارب السلطان .
؟
ذكر عصيان ملك كرمان وعوده إلى الطاعة وطاعة حصون فارس
وفي سنة تسع وخمسين وأربعمائة عصى قرار أرسلان ملك كرمان على السلطان ، ونزع الطاعة ، وسبب ذلك أن وزيره حسّن له هذا الفعل ، فظن أنه يقدر على الإستبداد بالأمر ، فسار السلطان ألب أرسلان إليه ، والتقت مقدمته بمقدمته ، فانهزم أصحاب قرا أرسلان بعد قتال ، وسار لا يلوي على شيء ، ، فوصل إلى قلعة ، وامتنع بها ، وراسل السلطان في طلب الأمان ، وبذل الطاعة ، فأمّذنه ، وحضر إليه ، فأكرمه ، وأعاده إلى مملكته ، فقال قرا أرسلان للسلطان : إن لي بنات ، وقد جعلت أمرهنَّ إليط ، وتجهيزهن ، فأعطى السلطان إلى كل منهن مائة ألف دينار سوى الثياب ، ثم سار السلطان منها إلى فارس ، فوصل اصطخر ، وفتح قلعتها ، واستنزل واليها ، فحمل إليه الوالي هدايا عظيمة جليلة المقدار من جملتها قدح فيروزج مكتوب عليه اسم جمشيد الملك ، وأطاعه جميع حصون فارس ، وبقيت قلعة هناك يقال لها : بهتزاذ ، فسار نظام الملك إليها ، وحصرها ، ففتحها في اليوم السادس عشر من منازلتها ، ووصل السلطان إليها بعد الفتح ، فعظم محل نظام الملك عنده ، وعلت منزلته ، وزاد في تحكمه ، والله أعلم بالصواب .

الصفحة 179