كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 18 """"""
إلى هواء غزنة ، فسار عن بلخ ، فمات في طريقه ، ونقل إلى غزنة ، فدفن بها . وكانت مدة ملكه نحوا من عشري سنة ، وكان عادلاً خيِّراً ، ة كثير الجهاد ، حسن الإعتقاد ، فاضلاً عارفاً ، له نظم ونثر وخطب في بعض الجمع ، وكان يقول بعد الدعاء للخليفة : رب قد آتيتني من الملك ، وعلمتني من تأويل الأحاديث ، فاطر السموات والأرض أنت ولِّي في الدنيا والآخرة ، توفَّني مسلماً ، وألحقني بالصالحين .
ولما حضرته الوفاة عهد إلى ولده إسماعيل بالملك ، وكان أصغر من أخيه محمود ، فبايعه الجند بعد وفاة أبيه ، وحلفوا له ، فأطلق لهم الأموال ، ثم استصغروه ، فاشتطَّوا في الطلب حتى فنيت الخزائن التي خلفها سبكتكين . ثم استولى محمود على الملك فكانت مدة ملك اسماعيل سبعة أشهر .
ذكر سلطنة يمين الدولة محمود بن سبكتكين
وهو الثالث من ملوكها . وهو أول من تلقب بالسلطان ، ولم يتلقب بها أحد قبله قال : ولما بلغه خبر وفاة والده كان بنيسابور ، فجلي للعزاء ، ثم أرسل إلى أخيه إسماعيل يعزِّيه ، ويعرفه أن أباه إنما عهد إليه بالملك لبعده عنه ، ويذكر له ما يتعيَّن من تقديم الكبير ، وطلب منه الوفاق ، وإنفاذ ما يخصه من ميراث أبيع ، فلم يفعل . وترددت الرسائل بينهما ، فلم تستقر قاعدة ، فسار محمود عن نيسابور إلى هراة عازما على قصد غزنة ، واجتمع بعمه بغراجق ، فساعده على إسماعيل ، وسار إلى بست ، وبها أخوه نصر ، فتبعه ، وأعانه ، وسار إلى غزنة ، وبلغ الخبر إسماعيل وهو ببلخ ، فسار عنها مجدّاً فسبق أخاه محموداً إلى غزنة ، وكان الأمراء الذين مع إسماعيل قد كاتبوا أخاه محموداً يستدعونه ، ووعدوه الانحياز إليه فجد في السير ، والتقى هو وإسماعيل بظاهر غزنه ، واقتتلا قتالا شديداً ، فانهزم إسماعيل ، واعتصم بقلعة غزنة ، فحصروه أخوه محمود ، واستنزله منها بأمان ، لما نزل إليه أكرمه ، وأحسن إليه ، وشاركه في ملكه ، وعاد إلى بلخ ، واستقامت له الممالك ، وعظم شأنه ، وأطاعته العساكر .