كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 180 """"""
ذكر اقامة الخطبة بحلب
وفي سنة ثلاث وستين وأربعمائة خطب تاج الملوك محمود بن نصر مرداس بحلب للخليفة القائم بأمر الله ، وللسلطان ألب أرسلان ، وسبب ذلك أنه لما رأى انتشار الدولة السلجقية ، وقوتها ، وإقبالها ، جمع أهل حلب ، وقال : هذه دولة جديدة ، ومملكة شديدة ، ونحن تحت الخوف منهم ، وهم يستحلون دماءكم لأجل مذهبكم ، والرأي أن نقيم الخطبة قبل أن يأتي وقت لا ينفعنا فيه ذلك ، فأجاب مشايخ البلد ، ولبس المؤذنون السواد ، وخطب لهما ، فأخذت العامة حُصر الجامع ، وقالوا : هذه حصر علي بن أبي طالب ، فليأت أبو بكر بحصر يصلي عليها بالناس ، وأرسل الخليفة : إلى محمود الخلع مع نقيب النقباء طِراد بن محمد الزينبي ، والله أعلم .
ذكر استيلاء السلطان على حلب
وفي سنة ثلاث وستين أيضاً سار السلطان إلى حلب ، وجعل طريقه على ديار بكر ، فخرج إليه صاحبها نصر بن مروان ، وخدمه بمائة ألف دينار ، وحمل إليه إقامة بلغ السلطان أنه بسطها على البلاد فأمر بردّها ، ووصل إلى آمد ، فرآها ثغراً منيعاً ، فتبرك به ، وجعل يمر بيده على السور ، ويمسح بها صدره ، وصار إلى الرُّها ، فحصرها ، فلم يظفر منها بطائل ، فسار إلى حلب ، فسأل صاحبها محمود نقيب النقباء رسول الخليفة أن يخرج إليه ، ويعلمه أنه لبس بخلع الخليفة واستعفاه . من الحضور ، فقال : لا بد من حضوره ، وأن يبطل الأذان بحيي على خير العمل ، فامتنع محمود ، واشتد الحصار على البلد ، وغلت الأسعار ، وزحف السلطان يوماً ، فوقع حجر منجنيق على فرسه ، فلما عظم الأمر على محمود صاحب حلب خرج ليلاً هو وأمه ، ودخلا على السلطان ، وقالت له : هذا ولدي تفعل به ما تحب ، فتلقاهما بالجميل ، وأحسن إلى محمود ، وخلع عليه ، وأعاده .
ذكر خروج ملك الروم إلى خلاط وأسره
ولما عاد السلطان من حلب وصل إلى مدينة خُوىّ من أدربيجان ، فبلغه خروج أرمانوس ملك الروم في مئتين ألوف من الروم ، والفرنج والعرب المتغره ،

الصفحة 180