كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 183 """"""
ذكر تزويج ولي العهد بابنه السلطان
.
وفي سنة أربع وستين وأربع مائة ، أرسل الخليفة القائم بأمر الله عميد الدولة بن جهير إلى السلطان بالخلع له ، ولولده ملكشاه ، وأمره أن يخطب سفري خاتون ابنة السلطان لولي العهد المقتدى بأمر الله ، ففعل ذلك ، فأجيب إليه ، وعقد النكاح بظاهر نيسابور ، وكان عميد الدولة الوكيل في قبول النكاح ، ونظام الملك الوكيل من قبل السلطان وكان النثار من الجوهر .
ذكر ملك السلطان قلعة فضلون
.
وفي هذه السنة سير السلطان الوزير نظام الملك في عسكر إلى بلاد فارس ، وكان بها حصن من أمتع حصونها ، وفيه صاحبه فضلون ، وهو لا يعطى الطاعة ، فنازله ، وحاصره ، فامتنع ، وقاتل ، فلم تطل المدة حتى نادى أهل الحصن بطلب الأمان بغير سبب ظاهر ولا قتال ، وظهر أن سبب ذلك أن جميع آبار الحصن غارت مياهها في ليلة واحدة ، فأمنهم نظام الملك ، وتسلّم الحصن ، وهرب فضلون إلى القلعة ، ثم قبض عليه وجيء به إلى السلطان ، فأحسن إليه ، وأمنه ، وأطلقه .
ذكر مقتل السلطان عضد الدولة ألب أرسلان وشيء من سيرته
.
وفي سنة خمس وستين وأربعمائة قصد السلطان ما وراء النهر ، فعقد جسراً على جيحون ، وعبر عليه في نيف وعشرين يوماً ، وكان عسكره يزيد على مائتي ألف فارس ، وكان ببعض القلاع رجل خوارزمي اسمه يوسف قد عصى ، وتحصن بالقلعة ، فبعث إليه السلطان جماعة ، فحاصروه ، وأخذوه ، وأتوا به إلى السلطان ، فأمر أن تضرب له أربعة أوتاد ، وتشدّ أطرافه إليها ، فقال يوسف : يا مخنث ، مثلي يقتل هذه القتلة ؟ فغضب لذلك ، وأخذ القوس والنشاب ، ورماه ثلاث مرات ، وهو يخطىء ، وكان لا يخطىء في رميه ، فوثب يوسف ، وضربه بسكين في خاصرته ، وأدركه الجند ، فقتلوه ، وسدّ جرح السلطان ، وعاد إلى جيحون وقال : ما من وجه قصدته ، وعدوّ أردته إلا استغنت بالله عليه ، فلما كان بالأمس صعدت على تل ؛ فارتجت الأرض تحتي من عظم الجيش ، فقلت في نفسي : أنا ملك الدنيا ، وما يقدر أحد على ، فعجزني الله تعالى بأضعف خلقه ، وأنا أستغفر الله ، وأستقيله من هذا الخطأ ، وأحضر الوزير نظام الملك ، والجند ، وأوصاهم بولده ملكشاه ، واستحلفهم له .

الصفحة 183