كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 184 """"""
وتوفي في عاشر شهر ربيع الأول ، وحمل إلى مرو ، فدفن بها عند أبية ، وكان مولده في سنة أربع وعشرين ، فكان عمره أربعين سنة وشهوراً ، وكانت مدة ملكه منذ خطب له بالسلطنة تسع سنين ، وستة أشهر ، وأياماً . وكان كريماً عادلاً عاقلاً لا يسمع السعايات ، وكان رحيم القلب ، رفيقاً بالفقراء ، كثير الصدقة ، تصدّق في شهر رمضان بخمسة عشر ألف دينار ، وكان في ديوانه أسماء خلق من الفقراء في جميع مملكته عليهم الإدرارات ، والصلات ، ولم يسمع عنه بمصادرة بل قنع بالخراج والغنائم ، قيل : إن بعض السعاة كتب إليه سعاية في نظام الملك الوزير ، وذكر ما له من الرسوم والأموال ، وترك الرقعة على مصلاه ، فقرأها ، ثم سلمها إلى نظام الملك ، وقال له : إن كانوا صدقوا في الذي ذكروا ، فحسن أخلاقك ، وإن كانوا كذبوا فاغفر لهم زلتهم ، وأشغلهم بمهِّمٍ يشتغلون به عن السعاية بالناس ، وناهيك بهذه مكرمة .
وكان له من الأولاد : ملكشاه ، وتكش ، وإيار ، وتتش ، وأرسلان أرغو ، وتوزي برش ، وساده ، وعائشة ، وبنت أخرى .
وزيره : نظام الملك .
ولما وصل الخبر إلى بغداد بموته حبس الوزير فخر الدولة بن جهير للعزاء في صحن دار السلام ، وملك بعده ابنه .
ذكر اخبار السلطان جلال الدولة ملكشاه . ابن السلطان عضد الدولة ألب أرسلان محمد بن جغري بك داود بن ميكائيل بن سلجق
.
وهو الثالث من ملوك الدولة السلجقية .
ملك بعد وفاة أبيه في عاشر ربيع الأول سنة خمس وستين وأربعمائة ، وكان والده قد حلّف له العساكر كما قدمناه ، وكان ملكشاه قد صحب والده في هذه السفرة ، ولم يصحبه في سفرة غيرها ، فأوصاه والده أن يعطي عمه قاورد بك بن داود أعمال فارس ، وكِرمان ، وشيئاً عيّنه من المال ، وأن يزوج زوجته ، وكان قاورد بك بكرمان ، وأوصى بأن يعطى ابنه إياز ما كان لأبيه داود ، وهو خمسمائة ألف دينار ، وقال : من لم يرض بما أوصيت له به ، فقاتلوه ، واستعينوا على حربه بما جعلت له ، وعاد ملكشاه من بلاد ما وراء النهر ، وقد تولّى تدبير دولته الوزير نظام الملك وزير

الصفحة 184