كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 185 """"""
أبيه ، فعبر النهر في ثلاثة أيام ، وزاد الأجناد سبعمائة ألف دينار ، وعاد إلى خراسان ، وقصد نيسابور ، ومنها إلى الري ، وكتب إلى ملوك الأطراف بإقامة الخطبة له ، فخطب له . والله أعلم .
ذكر الحرب بين السلطان ملكشاه وبين عمه قاورد بك
.
قال : ولما بلغ قاورد بك وفاة أخيه ، وكان بكرمان قصد الري ليستولي على المملكة ، فسبقه إليها ملكشاه ونظام الملك ، وسارا منها ، فالتقوا بالقرب من همذان في رابع شعبان ، واقتتلوا ، فانهزم قاورد بك وعسكره ، ثم أُسر ، وجيء به إلى السلطان ، فأمر بخنقه ، وأقرّ كرمان بيد أولاده ، وسيّر لهم الخلع ، فملك سلطان شاه بن قاورد بك كرمان ، وفوض السلطان جميع أمور دولته إلى نظام الملك الوزير ، ولقبه ألقاباً من جملتها : أتابك ، ومعناه : الأمير الوالد ، وأقطعه إقطاعاً وافراً زيادة على ما كان له ، من جملته طوس ، وأحسن السيرة ، وظهر من عدله ما لا مزيد عليه ، وفي سنة ست وستين وأربعمائة . في ثالث صفر . ورد كوهراتين إلى بغداد من قبل السلطان ملكشاه ، فجلس الخليفة القائم بأمر الله له مجلساً عاماً ، وسلم إليه عهد السلطان ملكشاه بالسلطنة واللواء ، وعقده الخليفة بيده ، وفيها استعاد السلطان ترمذ من خاقان تكين وكان قد غلب عليهما لما مات ألب أرسلان ، فلما استقامت الأمور لملكشاه حصرها ، واستعادها ، ففارقها صاحبها ، فأرسل يطلب المصالحة ، واعتذر من تعرضه إلى ترمذ ، فوقع الصلح بينهما ، وعاد السلطان ، وأقطعه بلخ ، وطخارستان لأخيه شهاب الدين تكش .
ذكر استيلاء تكش على بعض خراسان
.
وفي شعبان سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة سار ملكشاه إلى الري ، وعرض العسكر ، وأسقط منهم سبعة آلاف رجل ، فقال له الوزير نظام الملك : هؤلاء الجند لم يكن منهم كاتب ، ولا تاجر ، ولا خياط ، وليس لهم صنعة غير الجندية ، ولا نأمن أن يقدموا منهم رجلاً ، ويقولوا هذا السلطان ، فيكون لنا منهم شغل ، ويخرج عن أدينا أضعاف مالهم من الجاري إلى أن تظفر بهم ، فلم يقبل السلطان نصحه ، وقطعهم ، فمضوا إلى أخيه تكش ، فقوى بهم ، وأظهر العصيان على أخيه ، واستولى على مرو الروذ ، ومرو الشاهجان ، وترمذ ، وغيرها ، وسار إلى نيسابور طمعاً في ملك خراسان ، فسبقه السلطان إليها ، فعاد تكش ، وتحصن بترمذ ، وأسر جماعة من أصحاب السلطان ، فقصده السلطان ، فأطلقهم ، واستقر الصلح بينهما ، ونزل تكش عن ترمذ ، ثم عاد إلى العصيان في سنة سبع وسبعين ، وأخذه السلطان وسمله .

الصفحة 185