كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 188 """"""
الوحشية التي صادها . قال ابن خلكان في وفيات الأعيان : والمنارة باقية إلى الآن ، وتعرف بمنارة القرون ، وعاد إلى بغداد ، ودخل الخليفة المقتدي ، فخلع عليه الخلع السلطانية ، وفوض إليه أمر البلاد والعباد ، وأمره بالعدل ، وطلب السلطان بأن يقبِّل يد الخليفة ، فلم يجبه ، فسأل أن يقبل خاتمه ، فأعطاه ، فقبله ، ووضعه على عينيه ، وأمره الخليفة بالعود ، فعاد ، ولما خرج من عنده لم يزل الوزير نظام الملك قائماً يقدم أميراً إلى الخليفة . وكلما قدم أمير يقول : هذا العبد فلان ، وإقطاعه كذا وكذا ، وعدة عسكره كذا ، إلى أن أتى على آخر الأمراء ، فخلع الخليفة على نظام املك ، ودخل نظام املك إلى المدرسة النظامية ، وسمع الناس عليه الحديث بالمدرسة ، وأقام ببغداد إلى صفر سنة ثمانين وسار إلى أصفهان .
وفي سنة ثمانين وأربعمائة جعل السلطان ولي عهده ولده أبا شجاع ، ولقبه ملك الملوك عضد الدولة تاج الملة عدة أمير المؤمنين ، وأرسل إلى الخليفة أن يخطب له ببغداد ، ويلقبه بهذه الألقاب ، فخطب له في شعبان ، ونثر الذهب على الخطباء .
ذكر ملك ملكشاه ما وراء النهر
وفي سنة اثنين وثمانين وأربعمائة ملك السلطان ملكشاه ما وراء النهر ، وسبب ذلك أن سمرقند كان قد ملكها أحمد بن خضر خان أخو شمس الملك الذي كان قبله ، وهو ابن أخي تركان خاتون زوجة السلطان ملكشاه ، وكان ظالماً قبيح الصورة كثير المصادرات للرعية ، فنفروا منه ، واستغاثوا بالسلطان ، فسار من أصفهان ، وكان قد حضر إليه رسول صاحب الروم بالجزية المقررة عليه ، فأخذه نظام الملك معه إلى ما وراء النهر ، وحضر فتح البلاد ، وإنما فعل ذلك ليؤرخ عنهم أن ملك الروم حمل الجزية من بلاده إلى كاشغر ، وليرى عظم ملك السلطان ، وكثرة جيوشه ، وسعة ممالكه ، فسار السلطان من أصفهان إلى خراسان ، وجمع من العساكر ما لا يحصرها ديوان ، وقطع النهر ، ووصل بخاري ، وملكها ، وملك ما على طريقه إليها ، وما جاورها ، وقصد سمرقند ، ونازلها ، وحصرها ، وملكها ، واختفى أحمد خان في بيت بعض العوامّ ، فأخذ ، وحمل إلى السلطان ، وفي عنقه حبل ، فأكرمه السلطان ، وبعثه إلى أصفهان ، ورتب بسمرقند الأمير العميد أبا طاهر عميد خوارزم ، وسار السلطان ، وقصد كاشغر ، فبلغ بيوزكند وأرسل رسلاً إلى ملك كاشغر ، فأمره بإقامة الخطبة له ، وضرب السكّة باسمه وتوعده إن خالف ، فأجاب إلى ذلك ،