كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)

"""""" صفحة رقم 189 """"""
وفعله وحضر إلى السلطان ، فأكرمه ، وتابع الإنعام عليه ، وأعاده إلى بلده ، وعاد السلطان إلى خراسان .
ذكر عصيان سمرقند وفتحها
قال : ولما أُبعد السلطان عن سمرقند لم يتفق أهلها وعسكرها المعروفون بالجكلية مع العميد أبي طاهر نائب السلطان عندهم ، فاحتال حتى خرج من عندهم ، ومضى إلى خوارزم ، وكاتب مقدم الجكلية ، واسمه عز الدولة يعقوب تكين ، وهو أخو ملك كاشغر يستدعيه ، فحضر عنده بسمرقند ، واتفقا ، ثم إن يعقوب علم أن أمره لا يستقيم معه ، فوضع عليه من الرعية من ادعى عليه بدماء قوم كان قتلهم ، فقتله يعقوب ، واتصلت الأخبار بالسلطان ، فعاد إلى سمرقند ، فلما وصل إلى بخاري هرب يعقوب المستولي على سمرقند ورتب بها الأمير أتسز ، وسار في أثر يعقوب حتى نزل بيوزكند وأرسل العساكر إلى ملك كاشغر يطلبه منه ، وأنه إذا لم يرسله قصد بلاده ، واتفق أن عسكر يعقوب شغبوا عليه ، ونهبوا خزائن ، فاضطر إلى أن هرب إلى أخيه بكاشغر ، واستجار به ، وكان بينهما عداوة مستحكمة ، فكاتبه السلطان في إرساله ، وإنه إن لم يفعل كان هو العدو ، فقبض عليه وسيره مع ولده ، وجماعة من أصحابه ، وأمرهم أنهم إذا صاروا بالقرب من السلطان سلموه ، فإن رضي السلطان بذلك ، وإلا سلموه إليه ، فلما قصدوا سملهُ وأحموا الميل ، جاءهم الخبر أن طغرل بن ينال كبس ملك كاشغر وأسره ، فأخروا يعقوب ، وأطلقوه ، ثم اتفق هو والسلطان ، وجعله السلطان يقابل طغرل ، وعاد السلطان إلى خراسان .
ذكر وصول السلطان إلى بغداد
. وفي شهر رمضان سنة أربع وثمانين وأربعمائة وصل السلطان إلى بغداد ، وهي المرة الثانية ، ونزل بدار المملكة ، ووصل إليه أخوه تاج الدولة تتش صاحب دمشق ، وقسيم الدولة آق سنقر صاحب حلب وغيرهما من عمال الأطراف ، وأمر السلطان بعمارة الجامع المعروف بجامع السلطان ، وابتدىء بعمارته في المحرم سنة خمس وثمانين .

الصفحة 189