كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 26)
"""""" صفحة رقم 190 """"""
ذكر ملك السلطان اليمن
قال : ولما وصل السلطان إلى بغداد كان ممن حضر معه جبق أمير التركمان ، وكان صاحب قرميسين ، وغيرهما ، فأمر السلطان أن يسير بجماعة من أمراء التركمان إلى الحجاز ، واليمن ، ويكون أمرهم إلى سعد الدولة كوهراتين ليفتحوا البلاد ، فاستعمل سعد الدولة أميراً اسمه ترشك ، فساروا واستولوا على ترشك الجدري ، فتوفى في سابع يوم وصوله إليها ، فعاد أصحابه إلى بغداد .
ذكر مقتل الوزير نظام الملك
وفي ليلة السبت العاشر من شهر رمضان سنة خمس وثمانين وأربعمائة قتل الوزير خواجاً بزرك قوام الدين نظام الملك أبو علي الحسن بن علي بن اسحاق بالقرب من نهاوند ، وكان هو والسلطان ملكشاه قد عادا من أصفهان إلى بغداد ، فلنا كان بهذا المكان بعد أن فرغ من إفطاره ، وقام من خيمة حرمه ، أتاه صبي ديلمي من الباطنية في صورة مستميح ، أو مستغيث ، فوثب عليه ، وضربه بسكين ، فمات ، وهرب الصبي ، فعثر في أطناب الخيمة ، فأدركوه وقتلوه ، ولما قتل ركب السلطان إلى خيمته ، وسكن عسكره وأصحابه ، وقيل في سبب موته أنه كان قد ولي عثمان بن ابنه جمال الملك رئاسة مرو ، فأرسل السلطان إليها شحنة من أكبر مماليكه ، وأعظم أمرائه يقال له : قودن ، فجرى بينه ، وبين عثمان منازعة ، فحملت عثمان حدة الشبيبة على قبضه ، والإخراق به ، ثم أطلقه ، فجاء إلى السلطان مستغيثاً ، وأخبره بما صنع به عثمان ، فغضب السلطان وأرسل إلى جده الوزير نظام الملك يقول : إن كنت شريكي في الملك ، ويدك مع يدي في السلطنة فلذلك حكم ، وإن كنت نائبي ، فيجب أن نلتزم حد البيعة ، والنيابة . هؤلاء أولادك قد استولى كل منهم على كورة عظيمة ، وولاية كبيرة ، ولم يقنعهم ذلك حتى تجاوزوا أمر الساسة إلى أن فعلوا كيت وكيت ، وأطال القول ، وأرسل إليه بهذه الرسالة تاج الملك ، ومجد الملك الباسلاني وغيرهما ، من أرباب دولته ، وأرسل معهم الأمير باليرد ، وكان من ثقاته ، وقال له : تعرفني ما يقول ، فربما كتم هؤلاء شيئاً ، فحضروا عند الوزير ، وأدوا الرسالة ، فقال : قولوا للسلطان إن كنت ما عمت أني شريكك في الملك فاعلم ، فإنك ما نلت هذا الأمر إلا بيدي ، ورأيي ، أما يذكر حين قتل أبوه ، فقمت بتدبير أمره ، وقمعت الخوارج عليه من أهله وغيرهم ، وهو في ذلك الوقت يتمسك بي ويلازمني ، ولا يخالفني ، فلما رددت الأمور إليه ، وجمعت الكلمة عليه ، وجمعت له الأمصار القريبة والبعيدة سمع في السعايات . قولوا له : إن ثبات هذه